back to Book

الحروب الصليبية، جاك دو فيتري[1]

مقتطفات

(ص VII) تقدير ولادته (جاك دو فيتري Jacques de Vitry) بين 1170 و1190. توفي عام 1244.

(ص  VIII) كان أسقفاً في عكا بُعيد العام 1210، حيث قضى بضع سنوات في فلسطين، وشارك بنشاط في وقائع تلك المرحلة.

(ص 45) (الظنيون أو العلويون أو النصيرية) يوجد في الجبال قوم من البؤساء يقطنون بالقرب من سلسلة جبال لبنان وبلاد طرابلس، ومع أنهم يتبعون لحد كبير الدين الإسلامي يقولون أنهم يعتمدون علاوة على ذلك مبدأ سرياً غير مسموح لهم البوح به لأحد، باستثناء أولادهم (الذكور) متى بلغوا سن الرشد...

(ص 91) أما العسل فقد شاهدنا منه كثرة في قصب العسل cannes à miel الذي نجده في هذه البلاد (سورية). قصب العسل هو مجرد قصب مليء بالعسل، أي عصير لذيذ للغاية، نستخرجه بوضع القصب في نوع من معصرة ثم نجعله كثيفاً بتسخينه على النار أولاً، وأخيراً نحصل على نوع من السكر. ولقد اشتققنا كلمة كاناميل cannamelles من كلمتي قصب وعسل، لأن الجذوع المحتوية على العسل تشبه القصب.

(ص 115) حول بناء كنيسة جديدة في القدس وتسميتها باسم كنيسة القديسة مريم اللاتينية Sainte-Marie-Latine: وذلك "لأنه كان السوريون Syriens يتبعون تماماً في قداسهم طقوس وتقاليد الكنيسة اليونانية. ولهذا فالكنيسة التي تحدثت عنها للتو سُميت منذ بنائها وتزال تُسمى كنيسة القديسة- مريم- اللاتينية، وذلك لأن الذين بنوها أقاموا عيها رئيساً عاماً لاتينياً وكهنة يحتفلون بالقداس الإلهي وفق الطقس اللاتيني".

(ص 126) في سياق سرده للمقيمين في الأرض المقدسة يضيف جاك دو فيتري إلى الرهبنات المسلحة الداوية (فرسان المعبد) والاسبتالية والتوتون (الألمان) يقول: "تضم الأرض المقدسة كالجنة السعيدة، عدداً كبيراً من المقيمين دوماً: كهنة ونساك ورهبان وخوارنة وراهبات وناسكات وعذارى ناذرات لله أو ارامل عفيفات وقديسات... (لقد جعل الله) هذه الأرض تغص بالمقيمين من كل الأعراق والأمم واللغات والناس... (ص 127) ... كثرة من سكان البحر وخصوصاً من البنادقة Vénitiens والجنويين Génois والبيزانيين Pisans... وخصوصاً من أهل فرنسا وألمانيا... وأما أهل إيطاليا... الذين باتوا حاجة ماسة للغاية في الأرض المقدسة، ليس للقتال فحسب، بل لتأمين الحركة في البحار ولنقل السلع والحجاج والمؤونة، وكانوا يُقيمون في بلاد الشرق لمدة أطول من (ص 128) باقي الشعوب الغربية. أما الألمان وأبناء فرنسا والبروتون Bretons والإنكليز وغيرها من شعوب ما خلف الجبال فقد كانوا أقل رصانة وأكثر تهوراً وأقل لباقة في السلوك فيُفْرِطون في الشراب والطعام، وأكثر إسرافاً في مصروفهم، واقل تهذيباً في كلامهم، نزقين وأقل استشرافاً في المجالس، مخلصين للكنيسة سريعين في أعمال البر وسائر أعمال الخير، وأكثر شجاعة في القتال، وهم في غاية الفائدة للدفاع عن الأرض المقدسة (خصوصاً البروتون)  ويواجعون المسلمين بشكل رائع: بيد أن خفة وطيش البعض منهم أديا إلى أن يُطلق عليهم لقب أبناء هيرنود[2] enfans d’Hernaude من قبل من كانوا يُسمون بولين[3] (صيصان) Poulains. وتحت هذا المسمى كان يُقصد (الغربيون) الذين ولدوا في الأرض المقدسة بعد تحريرها؛ وإما أن التسمية عادت عليهم من كلمة بولوس pullus  صوص، وتشبيههم بالسوريين بأنهم الوافدون حديثاً أو المولودون حديثاً... وإما لأنهم يشبهون أمهاتهم اللواتي تم استقدامهن من منطقة بويى Pouille القربية من سورية... ثمة في الأرض المقدسة أيضاً الكثير من الشعوب الأخرى المختلفة بطقوسها المتنوعة وممارستها الدينية المتفارقة، (ص 129) مثل السريان والروم (اليونان) واليعاقبة والموارنة والنساطرة والأرمن والغريغوريين، ولكنهم جميعاً ضروريون للغاية في الأرض المقدسة لممارسة التجارة والزراعة وباقي أنماط الصناعة...

(ص 146) يعتبر الروم (اليونان) وكذلك السريان (السوريون) اللاتين محرومين دينياً...

توصيفه للموارنة

(ص 156) ثمة قوم يقطن بعدد كبير بالقرب من سلسلة لبنان في مقاطعة فينيقيا، غير بعيد عن مدينة بيبلوس (جبيل)، سلاحه القوس والسهام، وماهر في القتال، يُسمونه الموارنة، على اسم مارون، رجل يعتبرونه مرجعهم، وهو هرطوقي كان يقول أنه لا يوجد في المسيح غير إرادة واحدة ومشيئة opération واحد. وكان مبدع هذه الخطيئة ماكير Macaire أسقف من أنطاكية. ولقد أدين هو وأتباعه في مجمع القسطنطينية السابع الذي حضره 150 من الآباء، ولقد لفظته الكنيسة من صفوفها بوصفه هرطوقياً رمي بالحرم الكنسي... (ص 157) ولقد أغوى مارون الذي أعماه توهم شيطاني الكثير من الناس في ضلالته، واستمر أتباع بدعته المسمون موارنة منفصلين حوالي 500 سنة عن الكنيسة المقدسة وجماعة المؤمنين، ويمارسون طقوسهم الخاصة بهم. ولكنهم لما عادوا إلى رشدهم اعترفوا (ص 158) بالإيمان الكاثوليكي، بحضور الأب الجليل أموري Amauri، وارتدوا عن ضلالتهم وتبنوا تقاليد الكنيسة الرومانية المقدسة... واتبع الموارنة، للدلالة على طاعتهم، تقاليد وطقوس اللاتين. وكذلك حضر بطريركهم مجمع لاتران العام الذي انعقد بأبهة في مدينة روما في عهد الحبر الجليل إنوسنت الثالث. يستعمل الموارنة الحروف السريانية (الكلدانية chaldéennes) ويتحدث عامتهم لهجة المسلمين.

توصيفه لسوء جميع سكان مملكة القدس

(ص 168) ولكن منذ تحرير الأرض المقدسة، فإن كل من هم أفضل العارفين بوضع البلاد ومتفحصي بأقصى عناية تقلبات مصيره، وحالات تقدمه وتراجعه، يؤكدون بكل صراحة أن أي صنف من البشر أو أي كارثة من أي نوع كان لم تسبب لها من الإساءة قدر ما سببه سكانها بالذات، أناس مجرمون وفاسدون، فاسقون وكفرة، نجسون، لصوص ونهابون، قتلة، قتلة أبائهم، حانثو الوعد، متزلفون وخونة، عتاة وقراصنة، رجال الشوارع، سكارى، مهرجون سيؤن، مقامرون...، هؤلاء الكهنة المرتدون، تلك الراهبات وقد أصبحن بنات هوى، وتلك النسوة تتخلى عن أزواجهن لتلحقن بعشاقها...

(ص 235) ... كان جماعتنا (الصليبيون) يتمكنون من الدفاع عما بقي لهم من أراض طالما كانت مملكتا مصر ودمشق بقيادة سيدين متخاصمين وعدوين. ولكن عندما توحدت، كعقاب على خطايانا، قوى المملكتين تحت قيادة واحدة، أصبحت مملكة القدس المحصورة بينهما أكثر عرضة للاهتزاز ومعرضة لهجمات أقسى.



[1] راجع: Jacques de Vitry, Histoire des Croisades, Collection des Mémoires relatifs à l’Histoire de France, par M. Guizot, Paris, 1825

[2] "نجهل أصل كلمة هيرنود hernaude التي تعني حسب جاك دو فيتري أحمق وأبله": Jean Joseph F. Poujoulat, Histoire de Jérusalem, tome 2, 2ème edition, 2ème partie, Paris, 1848, p. 400. – الحاشية من وضع المترجم.

[3] "أطلق اسم بولين poulains في المستعمرات المسيحية في الشرق على المولودين من أم سورية وأب إفرنجي، أو من أم إفرنجية وأب سوري": Edouard d’Ault-Dumesnil, Dictionnaire historique, géographique et biographique des Croisades, 1852, p. 833.

ثمة تفسير آخر لمعني بولين poulain نجده في ما يقوله جان دو جوانفيل  Jean de Joinville رداً على من هاجمه من الصليبيين ونعتوه بهذا النعت لأنه نصح الملك سان-لويس الفرنسي بالبقاء في فلسطين: نصحني المونسينيور بيير دافالون بإن أدافع عن نفسي بالقول: من الأفضل لي أن أكون مهراً من أن كون حصاناً هرماً لم يعد يصلح لشيء كما هي حالهم": Jean de Joinville, Histoire de Saint-Louis, Paris, 1865 ,p. 192.

يذكر هذا التعبير بولين (صوص أو مهر) poulain بتعبير القدم السوداء pied noir التي كان الفرنسيون ينعتون بها مواطنيهم الفرنسيين المولودين في الجزائر. وفي الحاليين نشهد العنجهية الفرنسية وعمق مشاعر التمييز العنصري الحاد.

 

د. جوزف عبدالله

back to Book