back to Book

 

ملحق

تخللت كتابنا هذا عدة تعقيبات ومناقشات لبعض طروحات تقدم بها مؤرخو القبيات، وبالخصوص منهم د. فؤاد سلوم ود. الأب سيزار (عفيف) موراني.

ولقد وردت هذه التعليقات كاستكمال متقطع لمؤلفنا "تحقيقات في تاريخ عكار والقبيات"[1]. جاءت هذه التعقيبات في سياق بعض النصوص وفي ثنايا بعض الحواشي في:

1- الفصل الأول، في نص وليم تومسون: "من بيروت إلى حلب في العام 1845".

2- الفصل الثالث، في "وثيقتان (عقدان) من القرن الثاني عشر"، في نص جان ريشار: "وثائق دير القديسة مريم اللاتينية"، في نص ماكس فان برشم: "القليعات". وفي مواضع أخرى متفرقة.

تناولنا في هذه التعليقات الترهات وعمليات تزوير النصوص التاريخية التي اعتمدها الثنائي سلوم- موراني. وما عمليات التزوير هذه غير وسيلة للتعبئة استثمراها في تضليل القراء بغية ترسيخ ذهنية مشبعة بالأضاليل وجاهزة لتكون دافعاً للدخول في مشاريع فاشلة انعكست ويلات على المسيحيين خصوصاً وعلى الوطن عموماً.

 

د. فؤاد سلوم يبادر ويَتّهِمُنا بالتزوير.

فمن المُزَوِّر يا ترى؟

 

جوزف عبدالله

آداب الحوار وأصوله

نشرت مجلة الشمال (وكالة أنباء المشرق) ملفاً خاصاً بعنوان "بلدة القبيات"، كان لنا الدور الأكبر في إعداده وصياغته[2].

لاقى الملف ردود فعل متفاوتة. منها ما عبّر لي عنه د. فؤاد سلوم الذي تربطنا به علاقة قرابة وصداقة وحوار شفهي في أمور شتى، وعلاقة اختلاف جذري فكرياً وسياسياً. وصرح لنا برغبته في الرد على الملف ونقده، ولكنه بحاجة إلى فرصة ومجال للنشر. فتطوعت بالعمل لنشر الرد في نفس المجلة، متى أنجز كتابته. وهكذا كان: سلمني رده ونقلته بحرفيته وطلبت نشره بدون أي تعديل، وصدر في نفس المجلة في ملف بعنوان "القبيات مارونية أصلاً واستمراراً"[3]. بالطبع قرأت الرد، وحملته بكل أمانة طالباً نشره. وعندما سألني مسؤولو المجلة مندهشين: "قرأتَ الرد، وتصرُّ على نشره والكاتب يتهمك بما يتهمك به؟!"، كان ردي: "طبعاً. وإلاّ فما معنى الحوار والنقاش؟ وإذا كنتُ، أنا شخصياً، في ما كتبتُ قد ارتكبتُ المغالط والتزوير، فمن حق النقاد تعيين مغالطي وتزويري للحقائق، ومن حق القراء والمهتمين معرفتها، ومن واجبي تسهيل عملية التعبير عن الرأي، ووصول الرأي الآخر إلى الجميع". هكذا نفهم آداب الحوار، وهكذا مارسناها.

مناسبة ما نقوله هنا هو الحملة التي يشنها اليوم البعض من القبياتيين على مناقشاتنا ونقدنا لما كُتب في تاريخ القبيات وعكار. وهي حملة لا تنطلق من منطلقات فكرية أو علمية، بل تنطلق من مبررات مثل: "لا يجوز تسمية الكاتب"، "لا يجوز الاتهام بالتزوير"، "هكذا يكون الحوار شخصياً"، "هذا ما يُبعد الأمور عن الموضوعية"...

ولكن؛... عندما نناقش فكرة مؤلف أو كاتب، يستهدف النقاش الفكرة بالذات، لا صاحبها. ولكنه ليس مطلوباً منّا أن نجعل صاحب الفكرة "مجهولاً" لأن جمهور القراء "يحبه" (و"من الحب ما قتل")، أو "معجب به"، أو لأنه صاحب "سلطة خطاب" مفروض فيه أنه على مصداقية، كالموقع الديني أو التربوي... نحن نفكر وننشر ونناقش وننتقد لأننا نعتبر أن من واجب المثقف إعلان الحقائق، مهما كانت مؤلمة، بغية تنوير الخاصة والعامة من الناس. ومن هنا نوجه النقد لبعض مثقفي القبيات الذين يعملون على طمس الحقائق، وبالتالي يمارسون فعل "تعمية" الناس بدل تنويرهم، ومن ذلك تسهيل "استغفال" القراء والاستخفاف بعقول وذكاء الجمهور. وهذا ما يصح خصوصاً على من يحملون، بحكم أدوارهم الروحية والسياسية و...، "سلطة الخطاب" المفروض أنه على مصداقية.

وإذا كان من آداب الحوار وأصوله نقد الغلط بكل لطف وكياسة ولياقة ولباقة، فمن آداب الحوار وأصوله أيضاً ضرورة التشهير بالتزوير وبصاحبه. فوقوع المؤرخ (كأي فرد، أو أي مفكر) في الخطأ أمر وارد الحصول. وكل باحث عرضة للوقوع في الخطأ. قد يخطئ المؤرخ في تقدير أمر ما، أو في تفسير وثيقة. وقد يختلف المؤرخون في تفسير واقعة تاريخية معينة، بل وفي تفسير وثيقة ما. قد يصيب أحدهم ويخطئ الآخر. كما قد يخطئ الإثنان معاً. الوقوع في الغلط أمر له "مشروعيته" من حقيقة واقع حصوله استناداً إلى خلفيات فكرية وتكوينية ومنهجية وظرفية تؤدي بالمفكر (هنا المؤرخ) إلى الوقوع بالغلط. ونقد الغلط حق للقارئ والناقد، وهو حق مشروع لا يُلامُ عليه القائم به، بل يُحمد.

أما التزوير فأمر آخر. ولا يأتيه إلاّ المؤرخ (والمفكر عموماً) صاحب "النفس الأمارة بالسوء". وهو المؤرخ الذي يعمل "عن سابق تصور وإصرار" على "غش" جمهور القراء. المؤرخ المزوِّر هو الذي يتلاعب بالوثائق بإجراء التعديل فيها من حذف وإضافة في النص، بحيث يجعلها تقول ما لم تقله أو تقصده قبل هذا التعديل. المؤرخ المزوَّر يدرك فعلته، ويعرف مسبقاً أنه يقصد تضليل القراء، وحجب الحقيقة عنهم.

وارتكاب التزوير مختلف جذرياً عن الوقوع بالغلط. وهو أمر لا "مشروعية" فيه مطلقاً. ويستحق القائم به كل لوم، بل أشنعه. ولو أن في الأدب والعلوم والثقافة محاكم لمكافحة الغش والتزوير، كما هي الحال في الحياة العملية، لأقتضى الحكم على المؤرخ الذي يمارس التزوير كما يحاكم أي مجرم بالتزوير وباستخدام المزَوَّر. ولكن يبقى للقراء والنقاد عموماً الحق (بل الواجب) بمحاكمة المؤرخ المزَوِّر ومحاسبته. وهنا يكون كشف التزوير والقائم به عملية على مشروعية مطلقة؛ عملية تستحق الحمد والثناء، ولا يُلام غير المعترض عليها.

 

 

كيف حاوَرَنا (اتّهَمَنا) د. سلوم، وبماذا؟

في مطلع تعليقه على ما قلناه في ملف "بلدة القبيات" يرمينا د. سلوم بأمرين: الوقوع في كثرة المغالطة، وارتكاب التزوير في التأريخ. وبشرنا بدحض "المغالطات" وكشف التزوير بقوله: "إن الذي يعنينا من هذا الموضوع هو الناحية التاريخية التي عالجها والتي تضمنت مغالطات كثيرة وتزويراً لتاريخ المنطقة سندحضها بالحجج الدامغة، استناداً إلى وثائق ثابتة من مظانها الأكيدة..."[4].

هكذا بدون مقدمات حكم علينا د. سلوم بالوقوع بالغلط وبارتكاب التزوير. بل كانت مقدمته هي هذا الحكم بالذات. قد أكون وقعت في الخطأ. فأنا لست معصوماً عن الوقوع فيه. لربما أسأت فهم مسألة ما فأخطأت في تقديرها، وله الشكر على لفت النظر إلى هذا الخطأ، إن وُجد، وتصويبه. ولكن اتهامنا بالتزوير فهو تهمة، لو صحت، لكان التشهير بنا مشروعاً تماماً، وله عليه الحمد. وعلى أي حال لم يوضح د. سلوم، ولم يميز، أين وقعنا في الغلط أو ارتكبنا المغالطات، وأين ارتكبنا التزوير. لعله يعتبر الغلط والمغالطة والتزوير سيّان.

ولكن ماذا لو تبين أن ما يرمينا به د. سلوم لا أساس له من الصحة. وأنه هو من وقع في "المغالطات"، وهو من ارتكب "التزوير"؟ بعد التدقيق سنرى.

أولاً: التهمة الأولى في "المغالطة" و"التزوير" ساقها ضدنا د. سلوم عندما تساءلنا عن مبرر اجتماع أحياء القبيات الستة في بلدة واحدة مع أنها متباعدة عن بعضها البعض وشبه مستقلة.

بداية ردنا على هذه التهمة نسأل د. سلوم. هل في تساؤلنا غلط أم تزوير؟ إن كان تساؤلنا غلطاً، فالخطأ محتمل. وإن كان تساؤلنا تزويراً فهو تزوير لأي أمر؟ أم لا فرق عنده بين الخطأ والتزوير؟!

ثانية الرد، يتطوع د. سلوم بتفسير قصدنا من التساؤل (كأننا عاجزون عن توضيح ما نرغب بقوله!)، فيقول: "يقصد أن تكون أحياء القبيات الستة بلدة واحدة هو أمر موضع تساؤل وشك"[5].

نحن بطبيعة الحال لم نشك لحظة بوحدة القبيات الراهنة بجميع أحيائها. فهذا أمر واقع. والتساؤل هو بالتحديد حول هذه الوحدة القائمة. فلماذا اخترع د. سلوم "شك"نا بهذه الوحدة؟ لسبب بسيط. إنه صاحب ثقافة تسليمية وإيمانية. وهي ثقافة تحرِّم مساءلة الواقع. وتجرم المساءلة والسائل. عليكم التسليم، بلا تردد. وإلاّ رميناكم بالشك، والشك كفر وجحود. سلموا بما نقول، ولا تفكروا، ولا تسألوا الواقع ما دواعي حصوله. أما ثقافة "الحس السليم" فتسأل الواقع وتسعى إلى تفسيره، وتنظر إليه بعين فاحصة، لا بعين التسليم الأعمى، وثقافة "التعمية".

ثالثة ردنا: كيف طرحنا هذا التساؤل؟ لندقق بالنص حيث قلنا عن القبيات: "أنها أكبر بلدات عكار... تتوزع منازلها ... في مجموعات تكاد تكون متميزة في تموضعها حتى ليخال الرائي أنه أمام مجموعة من القرى لا إزاء بلدة واحدة، خاصة وأن بعضها يبعد بضعة كيلومترات عن بعضه الآخر، ولعل في ذلك مبرراً أولياً للتساؤل عمّا يكوِّن بلدة واحدة من هذه الأحياء الستة المتباعدة وشبه المستقلة، بل المستقلة أحياناً بموقعها"[6].

كلامنا هذا جاء قبل حوالي ربع قرن، يوم لم تكن القبيات على صورتها الراهنة. فهل في كلامنا شك بوحدة القبيات؟ بالطبع لا. هناك تساؤل يطرحه كل من لا يعرف القبيات، كما يطرحه كل قبياتي صاحب عين تتساءل ولا تسلم بدون تدقيق وتمحيص. هكذا يفعل أصحاب "الحس السليم".

نفس التساؤل طرحناه في مكان آخر قلنا فيه: "مرة أخرى لا بد من طرح السؤال حول علة وأسباب اجتماع هذه الأحياء الستة في بلدة واحدة، خصوصاً أن تسمية "القبيات العتيقة" تشير إلى تجددها أو انتقال ما لهذه البلدة عبر سيرورة تاريخية أدت إلى جمعها في واقعها الراهن"[7].

هنا أيضاً لا يوجد أي شك بوحدة القبيات. ولكن ثمة تساؤل عن أسباب هذه الوحدة. وهو تساؤل يبحث عن أسباب هذه الوحدة في السيرورة التاريخية للقبيات. فهل في هذا غلط ما أو تزوير ما؟

يقول د. سلوم في رده على تساؤلنا هذا: "أما أن تكون القبيات بلدة واحدة بأحياء سبعة[8]... فهو أمر أكيد، قديماً وحديثاً[9]، باعتبار السكان والرقعة الجغرافية..."[10]. هل هذا الكلام صحيح؟ هو صحيح في ما يخص القبيات الحديثة "حديثاً". أما "قديماً"؟ فجوابنا لا بالتأكيد. هل هو "تزوير"؟ لا أيضاً. ولكنه كلام غلط، قائم على مجرد التسليم بالوهم.

فمجرد وجود "قبيات عتيقة" محددة في حيز جغرافي لا يضم أحياء القبيات اليوم، يعني أن القبيات بحدودها الراهنة لم تكن قائمة في السابق. ولنا في ذكر شويتا، كقرية في بلاد عكار، في الحوليات المارونية منذ العام 694، أي قبل بضعة قرون على ظهور اسم القبيات، بينة على أنها كانت قرية عامرة خارج "القبيات العتيقة". ويذكر الخورسقف الزريبي، في نبذته التاريخية عن القبيات مجموعة من القرى هي اليوم أحياء أو مناطق في القبيات الراهنة، منها "قرية شحلو" و"قرية شويتا" وسوى ذلك من القرى الأخرى.

ثانياً: هل القبيات مارونية أصلاً واستمراراً؟ نعم. هكذا يزعم د. سلوم. واتهمنا بأننا ارتكبنا التزوير عندما قلنا أن القبيات المارونية اليوم، كانت في ما مضى (جزئياً على الأقل) على غير مذهب الموارنة. واستندنا في كلامنا إلى مؤرخين موارنة وغير موارنة. طبعاً لم يكتفِ د. سلوم بـ"تكذيب" كلام غير الموارنة من المؤرخين، بل قام باتهام الآباء الكرمليين بـ"الشطط" و"الادعاء" و"التبجح" "لتبرير وجودهم" و"استدراراً للعطف والمال بصورة خاصة"[11]. وهو يكذب بالتالي ما قاله الكرمليون عن دورهم في القبيات، وعن وجود غير الموارنة فيها في منتصف القرن التاسع عشر: "بناءً لالتماس من البطريركية المارونية افتتح آباؤنا مقراً في منطقة عكار، في القبيات. كانت القبيات في حينه قرية صغيرة من 800 نسمة، وكان عموم أهلها تقريباً من المسيحيين المنشقين، فاستطاع آباؤنا في قلة من السنين إعادتهم جميعاُ إلى الإيمان الكاثوليكي؛ ولم تتوقف هذه العملية على سنوات التأسيس الأولى بل استمرت لفترة أطول تعيد إلى حضن الكنيسة العائلات المنشقة التي كانت تأتي إلى عكار لزراعة التوت...[12]".

ولو سلمنا جدلاً للدكتور سلوم بتبجح الآباء الكرمليين، فهل البطريرك اسطفان الدويهي متبجح أيضاً في كلامه عن بيعة مونوفيزية في القبيات في نهاية القرن السابع عشر؟ (في قرية شويتا سابقاً، واليوم منطقة في القبيات، بجوار مستشفى سيدة السلام، وحيث بدأ حي بكامله يتكون هناك منذ بضع سنوات).

قلنا في الملف المذكور (ص 38): "يشير الدويهي في مؤلَّفه "أصل الموارنة" (ص 185)- وهو مؤلِّف ثقة في التاريخ الماروني- إلى وجود تجمع بشري مونوفيزي في القبيات، حوالي نهاية القرن السابع عشر".

ورد علينا: "إن الدويهي في مؤلفه "أصل الموارنة" في الصفحة 185 بالذات لم يُشر إطلاقاً إلى وجود تجمع بشري مونوفيزي في القبيات حول نهاية القرن السابع عشر، بل على العكس من ذلك تماماً هو قد أشار في نفس المكان الذي قرأه كاتب الملف، إلى وجود شاعر قبياتي ماروني عاش في النصف الأول من القرن السادس عشر...". وبعد اتهامنا بالتزوير، يتابع د. سلوم متشاطراً: "أما رقم 1688 المخادع فهو سنة إسفح يونانية المساوية لسنة 1557 مسيحية..."، ثم يردف متسائلاً بسخرية: "فكيف إذاً ... يا قارئ التاريخ؟""[13].

تؤكد كل النصوص أن شويتا كانت في السابق قرية مستقلة عن القبيات، ولم تكن من توابعها، وإنما تُنسب إلى عكار الناحية أو البلاد. هذا فضلاً عن أنها لم تكن مارونية "أصلاً"، وعلى الأقل لم يكن سكانها من الموارنة فقط. وعندما ترد "شويتا" في معظم الحوليات المارونية، إسماً لقرية قائمة بذاتها في عكار، غالباً ما يُقصد بها قرية غير مارونية أبداً. وهذا ما يُلاحظه الخورسقف الزريبي، بقوله: "... قرية شويتا التي كانت آهلة بالسكان في عهد يوستنيانوس الثاني الأخرم سنة 694م... كما يُستدل على ذلك من الهرم المبني فوق ضريح وزيره مرقيان الذي جُرح في قرية أميون... وهرب من عساكر المردة إلى شويتا وتوفي فيها. أما من بنى هذا الهرم فوق ضريحه بعلو ما ينيف عن أربعين ذراعاً هل الملك أم الأهالي فلا يُعلم".

لقد تساءل من بنى الهرم؟ وتردد في الإجابة. لقد تهيب– بتقديرنا – الاستمرار في البحث، لأن بناء الهرم يشير إلى أن من اهتم بما يمثله هذا القائد الذي جاء محارباً للمردة (أي محارباً للموارنة) ما كان من الموارنة؛ وبالتالي لن يهتم به وبتكريمه غير المعادي للمردة (المعادي للموارنة). وهذا ما يعني أن سكان شويتا في حينه كانوا على غير مذهب الموارنة، وربما كانوا ملكيين (أورثوذكس) أو مونوفيزيين، لأن يوستنيانوس الثاني الأخرم كان من أنصار المشيئة الواحدة.

 

مَن يزور كلام البطريرك الدويهي؟

إن موضوع الكلام الذي أكدته في مقالي وقصده د. سلوم يدور حول العام 694م، أي القرن السابع، وهو يتناول ما يُعرف بحملة موريق وموريقيان، بايعاز من يوستنيان الثاني الأخرم، على الموارنة، ومقتل موريق في أميون وجرح موريقيان هناك وانسحابه إلى عكار حيث مات في شويتا. فهل في الصفحة 185 من مؤلف البطريرك الدويهي "أصل الموارنة" كلام حول هذا الموضوع يشير إلى وجود تجمع مونوفيزي في شويتا (في القبيات) حوالي نهاية القرن السابع عشر، أم لا؟

لنترك النص يكشف ما فيه، لننقله بحرفيته، يقول البطريرك الدويهي: "قُتل موريق وأخذوا دفنوه أهل الكورة في أميون. وأصيب مرقيان رفيقه، فحمل به القوم إلى قرية شويتا، في ناحية عكار، فمات هناك. وبقية العسكر انهزموا هزيمة قبيحة. ومن هذه الغارة التي صارت بين الكورة وجبل لبنان، في سنة ستماية وأربعة وتسعين، كان نشو الفرقة بين الموارنة والملكية. فإن الذين تبعوا ديانة الملك يوسطنيانوس تسموا ملكية، فأقاموا كنيسة لمرقيان في شويتا، وكنيسة بأميون على اسم موريق. وفي كل سنة يعيدون له في السادس والعشرين من شهر تموز. ولم يزالوا إلى يومنا هذا متمسكين في عوايد الروم كما حلفوا على يد موريق وموريقيان القواد الذين قادوهم إلى اعتقاد المشيئة الواحدة التي كان متمسك بها الملك"[14].

هل في هذا الكلام إشارة واضحة إلى أن شويتا لم تكن مارونية، وإلى أنها ناصرت وأيدت مبدأ المشيئة الواحدة التي قال بها الملك يوستنيان الثاني الأخرم؟ الجواب بدهي بالإيجاب لمن يريد أن يقرأ نص البطريرك الدويهي، لا تزويره: "... تبعوا ديانة يوسطنيانوس... أقاموا كنيسة لمرقيان في شويتا... يعيدون له... قادوهم إلى اعتقاد المشيئة الواحدة التي كان متمسك بها الملك".

هذا الكلام يقوله البطريرك الدويهي في أواخر القرن السابع عشر، زمن تأليفه لكتابه "أصل الموارنة". وهو يقول فيه صراحة، في الصفحة 185: "ولم يزالوا إلى يومنا هذا (أي يوم كتابة الدويهي لـ"أصل الموارنة") متمسكين في عوايد الروم كما حلفوا على يد موريق وموريقيان القواد الذين قادوهم إلى اعتقاد المشيئة الواحدة... "(لاحِظوا: اعتقاد المشيئة الواحدة). ألا يعني هذا الكلام أن البطريرك الدويهي يشير إلى أن شويتا ما تزال، حتى أواخر القرن السابع عشر، على "عوايد الروم" ومع "المشيئة الواحدة"؟ بالطبع الإشارة واضحة لمن يريد رؤية ما كتبه الدويهي لا تزويره.

أما حول التقويم اليوناني، فربما لا نكون على "ثقافة" د. سلوم "الرفيعة" لنعرف حساب هذا التقويم، كما يدعي، ولكننا نُحسن قراءة ما هو مكتوب أمامنا، ولا نخترع، ولا نحتاج لا "ذكاء" ولا "شطارة" د. سلوم الذي لا يفعل هنا غير أن ينقل إلينا ما هو مكتوب في نفس الصفحة، وقرأناه بالطبع: "في سنة إسفح 1688 يونانية الموافقة لسنة ألف وخمسماية وسبعة وخمسين مسيحية"!

وللذكر فأن ما هو وارد في الصفحة 185، وارد أيضاً في الصفحة 134، من نفس المؤلف "أصل الموارنة" حيث جاء: "واضح أن موريق قُتل في الغارة التي تقدم ذكرها، وأخذوه الملكية وقبروه في قرية أميون، وأقاموا على اسمه كنيسة، وفي كل سنة يعيدون له بها في السادس وعشرين من تموز. وأما مرقيان تصوب في تلك الوقعة، وحمله العسكر إلى قرية شويتا التي في بلاد عكار، وهناك مات. ويعيدون له في الكنيسة التي أنشوها باسمه"[15].

ويكرر البطريرك الدويهي في مؤلفه "تاريخ الطائفة المارونية" الذي نشره رشيد الخوري الشرتوني، عن المطبعة الكاثوليكية، بيروت، عام 1890. نفس الرواية تقريباً: "وقد تبين أن موريق قُتل في الغارة... فأخذه الملكية ودفنوه في قرية أميون وأقاموا على اسمه كنيسة وفي كل سنة يعيدون له بها في السادس والعشرين من تموز. وأما مرقيان فحملوه من المعركة جريحاً إلى قرية شويتة التي في بلاد عكار فمات هناك وهم يعيدون له في الكنيسة التي بنوها هناك على اسمه"[16]. هذا ما قرره البطريرك الدويهي في مؤلفه "أصل الموارنة"، وعنه كرره معظم من أرّخ للموارنة لا سيما من المؤرخين الموارنة وخاصة رجال الدين[17].

نكتفي بهذا القدر لنقول رداً على د. سلوم: نعم من الشرعي والمنهجي والعلمي التساؤل حول ما جمع أحياء القبيات الستة في قرية واحدة جامعة. والقبيات لم تكن كذلك من الأصل. وليس في هذا شيء من الغلط ولا التزوير. ولنقول له: لا، القبيات لم تكن بكاملها مارونية أصلاً. ومن كان منهم على غير المارونية لا ضير فيه.

نثبت أدناه صورة عن نص الدويهي. ونسأل: من المُزَوِّر؟ ونترك الجواب للقارئ.

 

 

 

 

 

 

 

 

شكراً لك يا د. فؤاد سلوم

 

جوزف عبدالله

يستحق منّا الدكتور فؤاد سلوم كل الشكر. نحن ندين له بالامتنان والشكر. لقد وفر علينا الكثير من الكلام ويا ليته فعل ذلك من قبل.

قد يسأل سائل: على ماذا يُشكر د. سلوم؟ وما المناسبة؟

أما المناسبة فهو "التمهيد" الذي نشره على صفحات موقع[18] kobayat.org لترجمته المقبلة إلى العربية لمؤلف الأب د. عفيف (سيزار) موراني، الذي وضع د. سلوم عنوانه بالعربية "القبيات وناحيتها[19] زمن الصليبيين".

أما دواعي شكرنا له فمتعددة.

أولاً: أنه يلاقينا إلى حيث وصلنا في تقييمنا لكتابات الأب موراني ولكتابات د. سلوم بالذات.

كيف حصل ذلك بخصوص كتابات الأب موراني؟

1- بعد نقدنا الجاد والرصين (وإن رآه البعض قاسياً فذلك لأن الحقيقة جارحة، ليس إلاّ) لما تقدم به مؤرخو القبيات (ومنهم الأب د. موراني) من ترّهات وخيالات وخرافات مُغَلَّفَةٍ برصانة مزعومة لـ"علم"ـهم التاريخي والأركيولوجي (الآثار)، وذلك سواء في مؤلفنا "تحقيقات في تاريخ عكار والقبيات"، أو في ما نشرناه، تحت عنوان "منتخبات التواريخ والآثار في مواضع عكار والجوار"، على صفحات موقع القبيات الإلكتروني، من وثائق زعم الأب موراني أنه استند إليها في الجانب التاريخي من كتابه...

2-  وبعد انكشاف التحريف والتشويه والتزوير الذي تقصده عمداً في الوثائق والمراجع، وما أثاره ذلك من استهجان في أوساط بعض القراء والمتابعين من القبياتيين...

3- وبغية الحد من سقوط "الهيبة" العلمية لمعلمي أجيال قبياتية ومن بعض "الانزعاج" في أوساط قبياتية تساءَلَت عن مبررات هذا القدر من التزوير...

4- فرك علاء الدين فانوسه، وتفتقت عبقرية د. سلوم عن الحل، فقال في التمهيد المنشور على صفحات موقع القبيات الإلكتروني: "هنا لا بدّ أن نقول كلمة في تقييم الكتاب فنشددّ، أولاً، على أن هذا الكتاب Histoire de l’art الأطروحة هو دراسة في "تاريخ الفن".

وأضاف: " وليس دراسة في التاريخ، فيكون المعّول عليه هو الفن، فن البناء الديني، فيقيّم الكتاب، أساساً، على هذا المستوى وليس على أساس أنه تاريخ. أما التاريخ فجاء في الكتاب كإطار تزييني من خلال مقدّمات وتمهيدات لا يعوّل عليها لأنها إنما هي تحمل تسجيل موقف شخصي عابر، لا يقدمّ ولا يؤخّر في تقييم الكتاب. نحن شخصياً، قد لا نتفق معه في كثير من تلك الأفكار، لكن ما ينصبّ عليه اهتمامنا فهو الأساس، أي تاريخ الفن...".

إن د. سلوم "شاطر" و"حربوق". كيف يُخرج شريكه د. موراني من مأزق ارتكاب التزوير بعد الفضيحة؟ الأمر سهل. فانوس علاء الدين بيده، يفركه فيأتيه بالحل: يملي على القراء كيفية تقويم ما يطالعون. ويُحَصِّنُهم من أي حس نقدي. يعطيهم "طعماً" (anti virus, vaccin) ضد الحس النقدي. موضوع الكتاب دراسة "تاريخ الفن". انتبهوا: "ليس دراسة في التاريخ... تقييم الكتاب "على هذا المستوى وليس على أساس أنه تاريخ". ناقشوا في الفن، وفي تاريخه. دعكم من التاريخ!

لماذا "حشر الأب موراني التاريخ مع الفن؟ جواب د. سلوم سهل، لديه آلة سحرية، فانوس علاء الدين: التاريخ للزينة. يقول حرفياً: "أما التاريخ فجاء في الكتاب كإطار تزييني... تسجيل موقف شخصي عابر، لا يُقدم ولا يُؤخر".

نسي د. سلوم، وبالأصح تناسى أن أكثر من ثلث صفحات الكتاب يدور حول التاريخ. وهو لا يجهل بالطبع أن الموقف الشخصي يُمَرَّرُ بعبارة، أو بمقطع، أو يتخلل الكلام الرصين والمطلوب، ولا يكون "زينة" بحجم ثلث الكتاب. وتناسى د. سلوم أن التاريخ هو الإطار الحاضن للبحث في الآثار. فلا يصح مبحث في الآثار وفن العمارة الدينية أو العسكرية أو المدنية دون التعمق الرصين في التاريخ. وعليه فالتاريخ هنا ليس للزينة، بل هو لضرورة البحث في فن العمارة. وعندما جاء التزوير فضيحة في كتابات توأم د. سلوم في تشويه وتزوير الوثائق والمراجع بغية تلفيق تاريخ القبيات، وعندما لقيت الانتقادات الجدية بعض الصدى لدى بعض جمهور القبيات... انتفض د. سلوم ليقول: ما شأن التاريخ؟ لا تهتموا به! عليكم بكم الأفواه والسكوت! وإن تحدث البعض عن التزوير، فمن واجبكم صمّ آذانكم! إنه يخاف أن يعتاد الشباب على المساءلة والنقد. ولهذا يصيح موبخاً: "أيها العاقون، يا قدامى الكشافة؟ أتسمعون يا إخوانه في الجمعية الرهبانية...". تكمن ذروة القمع وذروة التضليل في الدفاع عن مزوري التاريخ.

وفي نهاية الأمر قام د. سلوم بعملية "تسخيف" الإطار التاريخي الذي لفقه د. موراني. وهنا التحق بنا، نحن الذين فضحنا هذا التلفيق لتاريخ القبيات. وعلى ذلك يستحق منا الشكر.

ثانياً: في نقدنا لمؤرخي القبيات تناولنا كتابات د. سلوم بالذات. وبينّا ترهاته هو أيضاً. واعتبرناه مجرد متطفل على التاريخ، شأنه كشأن كل واحد من ثلاثي مؤرخي القبيات. ولقد جاء كلامه في التمهيد الذي نعلق عليه مصدقاً لما قلناه. كيف ذلك.

د. سلوم مؤرخ يَسْخَرُ من وظيفة العلم الذي "تخصص" به وحَمَلَه شهادة في الدكتوراه، ويُسَفِّه قيمته. لنلاحظ تعريف التاريخ كما طرحه د. سلوم في "التمهيد" المنشور مؤخراً: "أفليس التاريخ Histoire من Historia أي أسطورة؟... وأليس التاريخ من معدن الحكاية قد تصدق وقد تكون خيالاً!". فهل التاريخ أسطورة؟ وهل هو مجرد حكاية؟

يعود د. سلوم إلى التعريف اللغوي اليوناني (ولو وجد سبيلاً إلى لغة أقدم لسلكه!) لكلمة تاريخ. فيجد من معانيها (وليس كل معانيها) معنى الأسطورة. فيحتفظ به ويعلنه مضمون التاريخ.

عندما وضع أطروحته قال في مقدمتها عن التاريخ أنه "منهج لتحليل المجتمع وفقاً للتطور التاريخي... كاشفاً القوانين التي حكمت هذا التطور"[20]. يبدو أن كلامه النظري والمنهجي هذا مجرد زينة، مجرد قشرة خارجية، فلا مفعول له في بنيته الفكرية. وإلاّ لما انتهى اليوم معرفاً التاريخ بأنه أسطورة وحكاية.

إن التاريخ عملية بحث محكومة بقواعد منهجية باحثة عن قوانين التطور الموضوعية، وهي عملية بحث محكومة بهذه القوانين في نفس الآن. هذا ما كان عليك أن تتعلمه في الجامعة، وما عليك الآن أن تُعَلِّمَه للآخرين. وعندما نقول أن التاريخ أسطورة أو حكاية، فمعنى كلامنا أننا لا نبحث عن التاريخ، بل نخترعه ونلفقه خرافة، ونتوهمه "أكذوبة" نعمل على شيوعها بين الناس. وعندما يكون التاريخ أسطورة وحكاية يعني أنه من خارج العلم. فهل يعتبر د. سلوم أن شهادته في الدكتوراه هي شهادة في التاريخ العلمي أم هي شهادة مضمونها أسطوري وخرافي. هل هو دكتور في "علم التاريخ" أم دكتور في "لا علم التاريخ"؟ طبعاً نحن نرجح الجواب الثاني. فهل كلامنا من الظلم والتجني؟

بالطبع لا. فحامل شهادة الدكتوراه في التاريخ هو الذي يقول أن التاريخ غير قابل للتصديق، هو أسطورة وحكاية. أليس هو المستعين لتعريف التاريخ بالشعراء:

"نظرنا في أخبار الحاضرين فرابنا              فكيف بأخبار الغابرين نصدق؟"

ولأن علماء التاريخ والمذاهب التاريخية لا يفيدون في معرفة التاريخ يلجأ حامل اللقب العلمي بالتاريخ إلى الشعراء. وهنا يلتقي بنا عندما وصفنا كتاباته بأنها ترهات لا أكثر. وعلى هذا يستحق الشكر أيضاً.

ثالثاً: وصفنا أبحاث مؤرخي القبيات بأنها من صنف التلاعب بالنصوص، واللعب على الكلام. ولنا في "التمهيد" الأخير دليل جديد على هذا التلاعب لدرجة طالت نصوص المؤرخين القبياتيين أنفسهم. لنبدأ بعنوان أطروحة الأب موراني.

جاء العنوان عام 1988 على الشكل الآتي: "العمارة الدينية في القبيات في زمن الصليبيين"[21]، ثم جاء العنوان في الكتاب المنشور عام 2006: "القبيات في زمن الصليبيين: التاريخ والعمارة الدينية". النص الفرنسي واضح: Cobiath sous les Croisés: Histoire et Architecture religieuses. التاريخ هنا هو تاريخ القبيات، ولو أن المقصود هو فقط تاريخ العمارة الدينية لكان د. موراني المُتْقِن جيداً للفرنسية قد كتب: histoire de l’architecture religieuse. أما العنوان نفسه فأصبح مع د. سلوم في مشروع الترجمة العربية مختلف جداً، فهو كما جاء في "التمهيد": "القبيات وناحيتها في زمن الصليبيين". هنا الموضوع تاريخي بامتياز، والبعد التاريخي يطغى على ما عداه. ولكن التلاعب الأكبر يكمن في إضافة كلمة واحدة تقلب الأمور رأساً على عقب، نقصد كلمة "ناحيتها". وفي هذا محاولة لستر ما قام به د. موراني عندما جعل القبيات تبتلع تاريخ وآثار الدريب بما فيها أكروم ووادي خالد وبعض عكار العتيقة. كان الأولى به أن يُعَنْوِنَ أطروحته "العمارة (فقط) في الدريب في زمن الصليبيين". ولكن أوهام العظمة والتعظيم في جعل تاريخ القبيات "الصليبي" أسطورة وحكاية ومورد تعبئة طائفية لأبنائها دفعته إلى طمس الآخر العكاري وتغييبه. فهل يحاول د. سلوم في ترجمته العربية المزيد من التلاعب بنص شريكه ورفيق دربه الروحي والفكري والسياسي. هذا ما سيكشفه لنا الزمن الآتي. وبانتظاره نكتفي بهذه الملاحظات السريعة.

حول فضل الأب موراني والحركة الكشفية

الراهب أو الراهبة لا يحتاج إلى شكر من الناس يطلبه هو أو يُطلب له، فأجره عند ربه لأنه نذر. لا لم يخدم أحد القبيات أكثر من أهلها. ولا يستطيع حبها أكثر من محبة أهلها ولا بقدرهم. وحب البلدة والأرض والوطن فطرة في الناس، لا منة لأحد فيها. ولا يحب أحد أرضاً اكثر من شاغليها وخصوصاً أكثر من فلاحيها. والذي لا يحب موطنه ومسقط رأسه وشعبه لا يحق له التباهي بحب أرض غيره وشعبها.

أما الكشافة والحركة الكشفية (ونخص هنا المؤسِّسين والقدامى) فقيمتهم لا في خلقهم عصبية تُضاف إلى العصبيات الأخرى في المجتمع، نستنفرها ونُعَنِّفُها لمنع النقد، وللتستر على المغالط وتبريرها. بل كل القيمة في التربية المدنية éducation civique التي تخلق منهم مواطنين واعين ومدركين ونقديين يساهمون في رفع مستوى العلاقات الاجتماعية خصوصاً في قضايا الشأن العام. وهنا تكمن المسؤولية في التعاطي مع الشأن البلدي انتخاباً وممارسة في مواقع المسؤولية. وعلى ضوء هذه الممارسة يُحاكم المؤسِّسون والقدامى والجدد في الحركة الكشفية. فإن أحسنوا كانوا مشكورين. وإن تسكعوا على أبواب الزعامات التقليدية وأرباب المناصب والمال وتوزيع المغانم وتحولوا إلى مفاتيح انتخابية لهم، فمعناه أنهم أفسدوا واستحقوا كل اللوم والنقد. وها هي الانتخابات البلدية على الأبواب (ولو تأجلت إلى حين) فلنترقب الممارسة، ففيها معيار حاسم للتربية المدنية التي تلقاها الكشافة على أيدي المؤسِّسين والقدامى.

سؤال أخير برسم قراء مؤلّف د. موراني: أين هي العمارة الدينية الصليبية التي اكتشفها لنا الأب المحترم في القبيات؟



[1] جوزف عبدالله، تحقيقات في تاريخ عكار والقبيات، مكتبة السائح، طرابلس (لبنان)، ط. 1، 2000.

[2] "بلدة القبيات"، الشمال، (وكالة أنباء الشرق)، ملف العدد العدد 65، 29 أيلول 1986، ص 32-56.

[3] سلوم، د. فؤاد، "القبيات مارونية أصلاً واستمراراً"، الشمال، (وكالة أنباء الشرق)، ملف العدد 86، 29 أيلول 1987، ص 33-40. والملف منشور اليوم على موقع kobayat.org.

راجع الرابط: http://www.kobayat.org/data/books/fouad_salloum/kobayat_maronite/index.htm

[4] المرجع السابق، ص 33. التشديد لنا.

[5] التشديد لنا.

[6] "بلدة القبيات"، مرجع سابق، ص 33.

[7] المرجع السابق، ص 35.

[8] يميل د. سلوم إلى التعظيم. قلنا أحياء القبيات ستة. فقال د. سلوم بأحياء سبعة. كيف أتى بالحي السابع؟ بدل حي الزوق، يقول: الزوق الجنوبي والزوق الشمالي. فاته أن يقول الضهر الشرقي والضهر الغربي، ومرتمورة الشرقية ومرتمورة الغربية، ليصبح عدد الأحياء تسعة، بل ستة. فتكبر القبيات!

[9] التشديد لنا.

[10] سلوم، مرجع سابق، ص 33.

[11] يقول د. سلوم في رده علينا "القبيات مارونية أصلاً واستمراراً...، ص 37: "إن الأب أوغسطين شدياق الذي استشهده د. عبدالله وسجل شهادته في ملف "الشمال" قد اشتط في اعتقاده كثيراً... إن المرسلين الأوائل كانوا يكتبون تقاريرهم الدورية إلى مراكزهم في روما مدعين أنهم يحولون شعوب الشرق إلى الكثلكة وذلك تبريراً لوجودهم هنا واستدراراً للعطف والمال بصورة خاصة. ثم عمد الرؤساء المتأخرون في روما إلى نشر بعض محتويات تلك التقارير في نشراتهم اليوبيلية لغرض ما كالتبجح أو غيره، فقرأها الكرمليون المتأخرون وصدقها بعضهم".

[12] المرجع: La missione Carmelitana in Siria، المصدر موقع القبيات على الإنترنت، الرابط: http://www.kobayat.org/data/religious_life/ex_religious/benedetto/benedetto.htm. ننصح د. فؤاد سلوم بقراءة هذه الوثيقة على ضوء مقولته: "القبيات مارونية أصلاً واستمراراً"، اللهم إلاً إذا كان أكثر مصداقية، كيلا نقول صدقاً، من وثائق ومراجع الرهبنة الكرملية بالذات!

[13] د. سلوم، المرجع السابق.

[14] الدويهي، البطريرك اسطفان: أصل الموارنة، حققه وقدم له الأب أنطوان ضو، منشورات مؤسسة التراث الأهدني، أهدن، لبنان، 1973، ص 185.

[15] المرجع السابق، ص 134.

[16] البطريرك اسطفان الدويهي، "تاريخ الطائفة المارونية"، نشره رشيد الخوري الشرتوني، المطبعة الكاثوليكية، بيروت، عام 1890، ص 86.

[17] منهم: الأب ميشال غبريل: تاريخ الكنيسة السريانية المارونية الأنطاكية، ج1، بيت شباب، جبل لبنان، 1900، ص 570 - 575. المطران يوسف الدبس، الجامع المفصل في تاريخ الموارنة المؤصل، ص 57. الشيخ طنوس الشدياق، أخبار الأعيان في جبل لبنان، منشورات الجامعة اللبنانية، 1970، ص 9.

[18] على الرابط: http://www.kobayat.org/data/books/fouad_salloum/cobiath-arabic/preamble.htm

[19] التشديد على عبارة "ناحيتها" لنا.

[20] سلوم، د. فؤاد: دريب عكار 1850- 1950، دراسة في التاريخ الاجتماعي، بإشراف د. جان شرف، جامعة الروح القدس- الكسليك- كلية الآداب، معهد التاريخ،1992، ص 1.

[21] L’Architecture religieuse de Cobiath sous les Croisés, Thèse pour un Doctorat en Histoire de l’Art.. تاريخ الفن Histoire de l’Art هنا هو اسم للفرع العلمي في جامعة              Université Le Mirail-Toulouse، وليس عنواناً لموضوع الأطروحة.

 

د. جوزف عبدالله

back to Book