back to Book

 

القليعات el-Qlē‘āt

هل من علاقة بين القبيات والقليعات؟

هل كانت "القبيات العتيقة" هي القرية الصليبية villa coliath؟

 

مدخل[1]

يُعتبر الرحالة ماكس ڤان برشم Max van Berchem صاحب أكبر نص عالج موضع قلعة القليعات في عكار. ففي الجزء الأول من مؤلفه "رحلة إلى سورية"[2] Voyage en Syrie الذي عرض فيه المشاهدات والملاحظات المستخلصة من رحلته إلى سورية في العام 1894، يتحدث بإسهاب عن قلعة القليعات، فيصفها محدداً أبعادها ويضع مخططاً تفصيلياً لها. وفي سياق بحثه اقترح تعيين قرية كوليات villa Coliath الواردة في بعض النصوص الصليبية في موضع "القبيات العتيقة". وعنه أخذ الأب سيزار موراني هذا المقترح دون التصريح بمرجعه، وجعل الأمر بمثابة الاكتشاف العظيم الذي أبدعه الأب المحترم. وهذا ما سبق لنا وسميناه "انتحالاً" (أي سرقة فكرية) أقدم عليه الأب المذكور.

نعرض في الآتي:

1- النص الحرفي الذي وضعه ڤان برشم عن القليعات.

2- مناقشة اقتراح ڤان برشم بتعيين قرية كوليات villa Coliath في "القبيات العتيقة".

3- البرهان على انتحال الأب موراني لمقترح ڤان برشم.

 

1- النص الحرفي الذي وضعه ڤان برشم عن القليعات

(ص 131) تقع هذه القلعة الصغيرة على تلة منخفضة تشرف على السهل الساحلي لمسافة بعيدة (الصورة رقم 61). يتخذ مخططها (الصورة رقم 62) شكل مربع طول ضلعه حوالي 65م. يحيط بها من كل جهاتها خندق (F) لحمايتها محفور جزئياً في الصخر بعرض من 8 إلى 10م، وبعمق 1.5م؛ ومع أن هذا الخندق مردوم ومدمر جزئياً، فهو جلي للعيان، لا سيما لجهتي الشمال الشرقي والشمال الغربي. ويرتفع على كل زاوية من زواياها برج مربع؛ منها برج الزاوية (T) ما يزال محفوظاً حتى قمته، ولكنه يبدو مرمماً، ربما لاستخدامه كبرج اتصالات؛ وهو في وضعه الراهن خالٍ من فتحات الرماية (الصورة رقم 61، جهة اليسار).

وفي منتصف كل واحدة من جهاته بروز مستطيل خفيف لتعزيز الدفاعات. وباستثناء البرج المذكور فكل النتوءات والاستحكامات منهارة حتى منتصف ارتفاعها.

يقع مدخلها الأساسي (E) في الجهة الشمالية الشرقية وسط جدار متراجع قليلاً إلى الداخل، ما يجعله في وضعية تعزز الدفاع عن اختراقه من خلال تحصينه المتكون من تراجعه إلى الداخل بين نتوئين يحيطان به. أما بابها الذي تعلوه قوس حادة فمدعم بباب آخر أحدث بناءً. ويقابله في الجهة الجنوبية الغربية باب خفي (للنجاة) (P) ضيق ومنخفض (الصورة رقم 61، الوسط). وداخلها ساحة واسعة (C) قسمها الشمالي الغربي تحتله مخازن وأحواض ماء تحت الأرض[3].

أما ترتيب حجارة الجدران المتنافر جداً فكان ينطوي، في فوضى عارمة، (ص 132) على حجارة ضخمة بتجاويف وحديبات، وتختلط بحجارة ملساء بمقاييس متنوعة. لم يتسنّ لنا الوقت لندرس بالتفصيل التوزيع الداخلي للقلعة ما بدا لنا أنه قليل الأهمية.

إلى أي عهد يعود بناء هذه القلعة؟ لقد وردت الإشارة إليها في بعض مصادر القرون الوسطى العربية واللاتينية معاً، ولكننا لم نعثر فيها على ما يفيدنا حول أصولها[4]. ويمكن أن ننسب إلى الصليبيين بعض أجزاء البناء الراهن، كالحجارة المحدبة والمدخل (E). ونظراً لغياب أي نقوش على الحجارة[5] فلا يمكننا التقدم بأي شيء يمكن الركون إليه. ويبدو أن هذه القليعة دُمرت ورُممت عدة مرات.

تؤكد المصادر التاريخية، كما سنرى، هذه الملاحظة المستخلصة من دراسة سطحية لأسوارها. وهي تفيدنا قليلاً في الحقيقة حول قليعة لم تلعب غير دور لم يحتفظ به التاريخ لأنها لم تكن تتحكم بنقطة إستراتيجية بالغة الأهمية. هذا فضلاً عن أن اسمها لا يسهل البحث. فثمة في سورية العديد من حصون الدرجة الثانية ترد باسم قلعة qal‘a “forteresse”، أو قليعة قلعة صغيرة qulai‘a “petite forteresse, fortin”. صحيح أنه في حالتنا الخاصة هنا يأتي الاسم بالجمع: القليعات[6] al-qulai‘āt “les fortins”. ولكن هذه الصيغة لا تلغي كل فرص الالتباس في النصوص العربية، وما بالك في الترجمات اللاتينية: كوليه Colée وبدائلها في المفرد، كوليات Coliat وبدائلها في الجمع[7]. يكمن سبب آخر للخطأ في كون اسم العلم هذا له طابع اسم الجنس، فالمستعربون غير المتمكنون من الطبوغرافيا السورية اعتبروه مجرد اسم جنس يشير إلى عدة قلاع صغيرة مجهولة[8].

ثمة موضع باسم كوليات Coliat(h) يرد ضمن الهبات التي قدمها كونت طرابلس إلى الاسبتالية، في 8 شباط 1128؛ صحيح أن كوليات هذه معينة في الهبات (ص 133) كقرية villa لا كقلعة[9]. ونجدها في العام 1153 بين الأملاك التي يثبتها البابا إلى الاسبتالية[10].

يفيد سياق النص في هذين المصدرين أن المقصود هو القليعات el-Qlē‘āt؛ ولكننا ما نزال غير واثقين تماماً. فعلى مسافة ساعتين شمالي بلدة عكار المعروفة جيداً آثارها العائدة إلى القرون الوسطى[11]، تقع قرية مزدوجة اسمها القبيات[12] Qubai‘āt. والحال، ففي رحلة تومسون Thomson يرد هذا الاسم بشكل قليعات Qulai‘āt؛ وعلاوة على ذلك ثمة تفصيل مثير: فسكان القرية يقدمون نفسهم للرحالة الأميركي على أنهم أحفاد الفرنجة Francs، وفي ذلك مؤشر على أن قريتهم لعبت دوراً ما في زمن الصليبيين[13]. وإذا ما قارنا هذه الملاحظة مع عبارات عقد عام 1128 (قرية كوليات- القليعات- villam Coliath) ومع واقع أنه عند القليعات لا توجد قرية ولا دواثر ظاهرة خارج القلعة، فإننا نميل إلى افتراض أن "قرية كوليات- القليعات- villa Coliath" هذه قد كانت هي القرية العتيقة، الداثرة اليوم، والمعروفة بالقليعات Qulai‘āt (أو القبيعات[14] Qubai‘āt) في لبنان، بين بلدة عكار والبقيعة، وليست بالأحرى قلعة القليعات Qle‘āt. وعلى أي حال، فهي لم تكن على كثير من الأهمية في تلك المرحلة، لأنها لم تُذكر في رواية حروب صلاح الدين.

في العام 604 هـ (1207-1208)، بمناسبة واحدة من الحملات في سورية، عسكر السلطان الملك العادل أبو بكر بالقرب من بحيرة حمص، حيث وافته قوات من بلاده ما بين النهرين. ثم دخل في إقليم طرابلس حيث حاصر موضعاً باسم القليعات al-Qulai‘āt؛ واستولى عليه صلحاً، وصرف صاحبه، وبعد أن صادر ما فيه من دواب وسلاح، دمره واتجه إلى طرابلس[15].

يوضح السياق هنا أن المقصود هو موضع القليعات el-Qlē‘āt، لا موضع القليعات Qulai‘āt التي ذكرها (ص 134) تومسون. خيّم السلطان عند بحيرة حمص، وهو يريد المسير إلى طرابلس: فأي طريق سيسلك؟ بالطبع سيسلك الممر والسهل حيث تمر اليوم الطريق الفرنسية المعبدة، ولن يتخذ دروب الجبل الوعرة. والحال، فإن حصن القليعات el- Qlē‘āt يتحكم بهذه الطريق. صحيح أن كاتب الحوليات يستعمل هنا عبارة غامضة (موضعاً maudi‘) يمكنها أن تعني مدينة أو قرية أو قلعة. ولكن تفاصيل روايته تبرهن على أن المقصود موقع محصن، وان هذا الموقع يعيق مسير السلطان إلى طرابلس؛ والحال فموضع القليعات el- Qlē‘āt أفضل ما ينطبق على هذه الشروط.

وإذا رغبنا ببينة أخرى لوجدناها عند ويلبراند أولدنبورغ Wilbrand d’Oldenbourg. ففي العام 1212، أي بعد أربع أو خمس سنوات على غارة الملك العادل، مرّ هذا الرحالة الألماني وهو في طريقه من طرابلس إلى طرطوس على "كوليكات Culicath، قلعة دمرها المسلمون". وبعد أن ترك على يمينه حصن الأكراد (الاسبتالية) والحصن الأبيض (الداوية) (صافيتا)، تابع سيره شمالاً حتى طرطوس. إن جميع تفاصيل وصفه لرحلته، وهي صحيحة لدرجة رائعة، تبرهن بداهة أن المقصود هنا هو موضع القليعات[16] el- Qlē‘āt. وإذا كان ويلبراند، الملاحظ الرائع، يسجل عام 1212 أن هذه الموضع دمره العرب، فبوسعنا الاعتقاد بأنه الموضع الذي كان قد خربه الملك العادل قبل أربع سنين، على حد كلام ابن الأثير.

في شعبان من العام 664 (أيار- حزيران 1266) وجه السلطان بيبرس، أثناء حملة في سورية، فرقة من جيشه إلى ساحل طرابلس، فاستولت على ثلاثة مواقع محصنة[17]: القليعات al-Qulai‘āt، حلبا Halbā، عرقة ‘Arqā. هنا أيضاً المقصود هو موضع القليعات el- Qlē‘āt. إن موقعي حلبا وعرقة معروفان بدقة[18]؛ وهما يشكلان مع القليعات مثلثاً إستراتيجياً في الدفاع عن طرابلس بوجه أي هجوم من الشمال (طرطوس) أو الشمال الشرقي (حمص). وكان سقوطها مقدمة ضرورية لسقوط طرابلس، كما أن المصير المشترك الذي لحق بها متلازم تماماً مع طبوغرافيا المنطقة.

(ص 135) بعد فترة من الزمن ترد القليعات al-Qulai‘āt وتوابعها في عداد أملاك السلطان قلاوون بموجب الهدنة المعقودة مع الداوية في العام 681 هـ (1282) ومع الفرنجة في العام 682 هـ (1283)[19].

ومنذ ذلك الحين يبدو أن القليعات al-Qulai‘āt غابت عن مسرح التاريخ[20]. وليس في ذلك ما يدعو إلى الاستغراب. فبعد السقوط النهائي للدول اللاتينية، استمرت بعض الحصون الكبيرة، كحصن الأكراد، تمتاز ببعض الأهمية كمواضع عسكرية وكمراكز لبعض الأقضية؛ أما القلاع الصغيرة، وهي من بقايا نظام إقطاعي دمره بشكل منتظم أمثال بيبرس وقلاوون، فلم يعد لها أي دور في التنظيم السياسي والعسكري في الدولة المركزية للماليك.

وهكذا فإن قلعة القليعات el-Qlē‘āt ظهرت للمرة الأولى في القرن الثاني عشر، كملكية للاسبتالية على ما يبدو؛ وهنا ليس من الأكيد تماماً أن النصوص التي ذكرتها تنطبق على هذا الموضع. وفي مطلع القرن الثالث عشر استولى عليها ودمرها الملك العادل، وبعد أربع سنوات لم يتم ترميمها. وفي العام 1266 استولى عليها بيبرس نهائياً من الفرنجة، لتسقط بعد قلاوون في لجة النسيان. ولا تسعفنا هذه الوثائق الضعيفة لا في اكتشاف أصلها ولا في رسم تاريخ بنائها. وهي بمخططها المربع وبالتوزيع المنتظم لنتوءاتها تعود إلى طراز أقدم الحصون العربية واللاتينية في سورية[21]، ولكن هذا الطابع لا يقدم بمفرده البرهان على أصل قديم. وربما تعود الحجارة الكبيرة المحدبة إلى القرن الثاني عشر، كما هي الحال في جبيل Jebeil، بينما تعود الحجارة المنحوتة بالأحرى إلى القرن الثالث عشر بعد مرور الملك العادل؛ ولكننا لا نستطيع الركون إلى مجرد فرضيات.

 

2- مناقشة اقتراح ڤان برشم بتعيين قرية كوليات villa Coliath في "القبيات العتيقة".

في سياق عرض تاريخ القليعات واسمها يشير ڤان برشم إلى ورود اسم كوليات Coliath في نصوص هِبتين مقدمتين إلى الاسبتالية، وذلك كقرية villa لا كقلعة. ويؤكد: "يفيد سياق النص في هذين المصدرين أن المقصود هو القليعات el-Qlē‘āt؛ ولكننا ما نزال غير واثقين تماماً".

إنه يشكك في كون كوليات Coliath هي قلعة القليعات. وفي الحقيقة، ليس مطلوباً بالضرورة أن تكون قرية كوليات villa Coliath (قرية القلعيات) هي نفسها قلعة القليعات. ولكنه يُضيف: "عند القليعات لا توجد قرية ولا دواثر ظاهرة خارج القلعة". هل تعبر هذه الإضافة عن ملاحظة متأنية للمكان بعد دراسة وافية لموضع قلعة القليعات ولمحيطها المباشر وجوارها؟ يقول ڤان برشم نفسه: "لم يتسنّ لنا الوقت لندرس بالتفصيل التوزيع الداخلي للقلعة...". كان على عجلة من أمره، وإن اعتبر أن الدراسة التفصيلية لداخل القلعة لن تأتي بأمر هام. لم يكن في مروره بالقليعات متفرغاً ليدرس مجمل المنطقة أو ليتبين طبيعة القرى المحيطة بها. وهو لم ينشغل كثيراً في البحث عن موضع قرية القليعات villa Coliath. كما أنه لم يراجع جيداً الأبحاث السابقة عليه في الطبوغرافية السورية في زمن الممالك اللاتينية.

هذا الأمر، أي العلاقة بين موضع قرية كوليات villa Coliath وموضع قلعة القليعات، ناقشه الرحالة رينيه دوسو ودحض رأي ڤان برشم بالذات، عندما ردّ عليه بقوله: "كان سبق لروهريخت، RÖHRICHT, ZDPV, X, p.257, n. 10، أن لاحظ وجود خربة غير بعيدة عن القليعات يمكنها أن تكون قرية كوليات Coliat العائدة للعصر الوسيط"[22]. هناك من لاحظ وجود دواثر قرية كوليات بالقرب من قلعة القليعات، وهذا ما لم يتنبه له ڤان برشم، مع الأسف، ولم يناقشه بالطبع.

استند ڤان برشم إلى ما جاء في رحلة القس تومسون[23] الذي مرً في القبيات وبات ليلة في ربوعها. يقول ڤان برشم: "على مسافة ساعتين شمالي بلدة عكار المعروفة جيداً آثارها العائدة إلى القرون الوسطى، تقع قرية مزدوجة اسمها القبيعات[24] Qubai‘āt. والحال، ففي رحلة تومسون Thomson يرد هذا الاسم بشكل قليعات Qulai‘āt؛ وعلاوة على ذلك ثمة تفصيل مثير: فسكان القرية يقدمون نفسهم للرحالة الأميركي على أنهم أحفاد الفرنجة Francs، وفي ذلك مؤشر على أن قريتهم لعبت دوراً ما في زمن الصليبيين"[25].

يعتمد ڤان برشم في كل نظريته على كيفية كتابة القس تومسون لاسم بلدة القبيات: القليعات. وعندي أن كل الأمر لا يعدو كونه مجرد خطأ ارتكبه تومسون في تسجيل اسم البلدة، أو ارتكبه العاملون في الطباعة. فليس في كل تراث وتقليد القبيات من يذكر أن البلدة حملت يوماً ما اسم قليعات. ولقد سبق لنا أن عالجنا هذا الموضوع عندما ترجمنا ما يتعلق بعكار من جولة القس تومسون[26].

بالإضافة إلى ذلك يقول جان مسكي، في Jean Mesqui: Forteresses Médiévales au Proche-Orient، أن القليعات كانت في زمن الهبة (1125-1127) قرية تحولت مع الاسبتارية إلى موضع قلعة: “village de Qûleiî’at/ Coliath, qui fut plus tard le site d’un château Hospitalier”. ومن ناحية أخرى، من المعروف أن قليعات واردة في سجل الضرائب العثمانية منذ العام 1571، كقرية في ناحية عرقا[27].

 

3- البرهان على انتحال الأب موراني لمقترح ڤان برشم

في الفصل الأول من القسم الثاني من مؤلفه "القبيات في أيام الصليبيين"[28] يضع الأب سيزار موراني عنواناً فرعياً: "قرية كوليات= كوبيات" La villa Coliath= Cobiat. وهو يقصد أن الموضعين موضع واحد، وأن ما جاء في بعض النصوص اللاتينية أيام الصليبيين عن قرية القليعات villa Coliath، إنما المقصود به هو بلدة القبيات اليوم.

وينهي الأب المحترم عنوانه بإشارة إلى حاشية (الرقم 19) في أسفل الصفحة 73 من كتابه المذكور، المنشور عام 2006. تهمنا هذه الحاشية بالذات، لأنه يتوهم أنها ترد عنه تهمة الانتحال، وهو يحاول بذلك أن يستخف بذكاء القارئ. لنستعرض هذه الحاشية بنصها الفرنسي وبترجمتها العربية:

On m’a accusé de plagiat: je confesse humblement que n’étant pas un milicien chevronné, les circonstances de la guerre m’avaient permis de lire, seulement, quelques photocopies par intermédiaire. La lecture du livre, après la guerre, m’a donné la satisfaction d’avoir vu juste.

Opinant dans le même sens, je me hâte de laisser tomber ma réflexion pour suivre, ici, la logique de van Berchem.

ترجمة: "اتُهمتُ بالانتحال: أعترف بتواضع أن ظروف الحرب مكنتني فقط، لكوني لست ميلشيوياً محنكاً (ما دخل الميليشيا بالبحث العلمي؟! وإلى ما يُلمح؟! سيرة لا نرغب بفتحها احتراماً منا لمؤسسات نبقى نحترمها بصرف النظر عن بعض الذين كانوا قائمين عليها.)، من قراءة بعض النسخ المصورة من قبل وسطاء. ولكن قراءة الكتاب (أي كتاب؟) بعد الحرب أشعرتني بالارتياح لأني كنت أرى بشكل صحيح.

"وبما أني أفكر بنفس الوجهة أسارع إلى التخلي عن فكرتي، لأتابع هنا منطق ڤان برشم".

لا بد من التعليق على هذه الحاشية الملغزة باللجوء إلى بعض الأسئلة. فمن هو الذي اتهم الأب موراني بالانتحال؟ الفاعل مجهول (on: pronom indéfini). لماذا لا يتم التصريح به؟ ماذا انتحل الأب موراني ليُتّهم عليه؟ الموضوع مغيّب. لماذا خطرت هذه الحاشية على بال الأب موراني؟ ألم تكن "السترة" أفضل له؟

على كل حال، أنا المعلق على هذه المقالة أقر وأعترف أني اتهمت الأب موراني بالانتحال، وبتشويه نصوص استشهاداته، وبتلفيق بعضها، و...

وهنا اتهمته بأنه انتحل فكرة أن فيلا كوليات villa Coliath قد تكون هي بلدة القبيات، وأنه أخذها عن ماكس ڤان برشم[29]. وتبريره أو رده الوارد في هذه الحاشية، يجعلني أكثر إصراراً على اتهامه بالانتحال، وبما هو أكثر. فيا ليته لم يفعل. لأن ما أتى به "عذر أقبح من ذنب".

يزعم "أبونا" أن ظروف الحرب لم تسعفه في الوصول إلى المراجع المطلوبة، فاكتفى بما يسميه "النسخ المصورة من قبل وسطاء". ما قيمة هذا الكلام؟ صورة المرجع صورة، بوسيط أو بدون وسيط، وصورة المرجع تعني المرجع بالضبط. فماذا يقصد؟

يقول "أبونا" أنه قرأ الكتاب (كتاب ڤان برشم Voyage en Syrie) بعد الحرب، أي بعد أن وضع أطروحته وناقشها في العام 1988. فهل كلامه صحيح؟ هل صحيح أنه لم يقرأ الكتاب عندما كتب أطروحته؟

بمجرد مراجعة الأطروحة، نرى أن هذا الكتاب بالذات جعله "أبونا" المحترم ضمن مراجع هذه الأطروحة، ويحتل الرقم 5 في لائحة المراجع الفرنسية، في الصفحة (XI) من التمهيد. وهو يستشهد به أكثر من مرة في متن نص أطروحته: يستشهد به في الصفحة 124، و251 من أطروحته. واستشهاداته مأخوذة من كلام ڤان برشم على القليعات (النص الذي ترجمناه أدناه)، أي بالتحديد من المكان الذي أخذ منه (انتحالاً) فكرة ڤان برشم.

فكيف يصح كلامكم "يا أبونا" أنكم قرأتم الكتاب بعد الحرب؟ كيف سمحتم لنفسكم بتسجيل مرجع في أطروحتكم، وفي الاستشهاد به، وأنتم تزعمون عدم قراءته، بسبب الحرب؟! إن كان زعمكم صحيحاً (وهو غير صحيح)، فهذا يعني أنكم مارستم الغش، بذكركم مرجعاً تقولون الآن أنكم لم تقفوا عليه سابقاً!

اتهمتكم بانتحال فكرة ڤان برشم، واتهمتكم بأنكم نسبتم احتمال التفكير بها إلى رينيه دوسو. وهنا أيضاً اتهمتكم بأنكم تلاعبتم بكلام رينيه دوسو، وشوهتموه فزورتموه، وحجبتم كلام ڤان برشم. وقلت أنكم تحولتم من باحث في الآثار والتاريخ، إلى محلل نفسي، للتغطية على فعلتكم، ولإبعاد الشبهة، وللظهور بمظهر المبتكر الفذ.

 

كيف حصل ذلك؟ لندع النصوص تتكلم. يقول أبونا المحترم، في ص 111 من أطروحته: "نسجل بداية هذا النص لدوسو: "هل تعكس هذه الصيغة Le Gouliath، وجود عدة مواقع هي، من الأصل، منفصلة عن بعضها؟ هذا ما يؤدي إلى تغيير شروط المسألة حول إسم “Villa Coliath” التي لا يبدو لنا ممكناً أن نعتبرها هي القبيات (Koubaiyat ou Qoubai’at) في سفح جبل عكار"[30].

ماذا قال دوسو وكيف شوه مضمونه الأب موراني، وحجب منه هوية ڤان برشم صاحب السؤال؟

يستعرض دوسو في ص 89 و90 من مؤلفه Topographie… كلاماً للإدريسي ويعلق عليه: يقول دوسو (ننقل كلامه باختصار وتصرف): يذكر الإدريسي وجود ثلاثة حصون صغيرة في خليج عرقة، هي لوتوروس والبابية وحصن الحمام، يجمعها سور واحد ما يعني قربها من بعضها البعض... وأحدها موجود حتى الآن في تل بيبه... وبالقرب من تل بيبه هناك حصن صغير معروف باسم القليعات، وموضع في تل كري يبدو معداً للدفاع... هذا المجموع المحصن يُفسر استخدام صيغة الجمع القليعات (جمع قليعة، العبارة لنا)... التي تم الاحتفاظ بها في الترجمات اللفظية الفرنجية في العصور الوسطى. هنا يسجل دوسو حاشية (رقم 3) في اسفل الصفحة 90. هذه الحاشية هي التي اعتمد عليها الأب موراني. ماذا في هذه الحاشية؟

(3) Ainsi “le Gouliat” dans Annales de Terre-Sainte, Archives de l’Orient latin, II, 2, p. 452. Cela répond à la question que se posait M. Van Berchem, Voyage, I, p. 132, n. 3; “Cette forme [grammaticale] trahit-elle l’existence, à l’origine, de plusieurs ouvrages séparés?”- Cela change aussi les conditions du problème au sujet du vocable “villa Couliat” qu’il ne nous paraît pas possible d’identifier avec Koubaiyat ou Qoubai‘at au pied du Djebel ‘Akkar. Déjà Röhricht, ZDPV, X, p. 257, n. 10, a remarqué qu’une ruine ou khirbé, non loin de Qlei‘at, pouvait représenter le bourg médiéval de Coliath.

ترجمة نص الحاشية: "هكذا هي حال (عبارة) "القليعات" le Gouliat الواردة في (مؤلف) حوليات الأرض المقدسة، أرشيف المشرق اللاتيني، القسم الثاني، 2، ص 452. وهذا ما يجيب على السؤال الذي طرحه السيد ڤان برشم[31]، في (مؤلفه) رحلة، القسم الأول، ص 132 (وهي نفس الصفحة التي استشهد بها الأب موراني)، الحاشية رقم 3: "هل تعكس هذه الصيغة (في القواعد) وجود عدة مواقع هي، من الأصل، منفصلة عن بعضها؟". (هنا ينتهي سؤال ڤان برشم، ويستأنف دوسو كلامه). – هذا ما يؤدي أيضاً إلى تغيير شروط المسألة حول اسم "قرية كوليات" villa Couliat التي لا يبدو لنا ممكناً أن نعتبرها هي القبيات في سفح جبل عكار. وكان سبق لروهريخت (ZDPV, X, p. 257, n. 10) أن لاحظ وجود دواثر أو خربة، غير بعيدة عن القليعات، يمكنها أن تكون هي كوليات Coliath القرية العائدة للعصر الوسيط.

واضح هنا أن دوسو يناقش ڤان برشم، ويجيب على سؤاله. ويؤكد له أن كوليات villa Coliath ليست القبيات. وأنه توجد بالقرب من قلعة القليعات قرية سبق أن لاحظ وجودها روهريخت قبله بسبع سنوات.

ومن الواضح أن "أبونا" فطن للغاية، ولا تفوته هذه المسألة. وهو ليس بحاجة إلى التلاعب بتفسير كلام دوسو الذي لم يفكر ولا للحظة باحتمال أن تكون كوليات هي القبيات. ولكن التوهم والاختلاق جعلاه يطمس حقيقة أن ڤان برشم هو صاحب هذه النظرية، فنسب احتمال التفكير العابر بها إلى دوسو[32]، ليصبح هو صاحبها الفذ.

 

هل "قرية كوليات (القليعات) (La villa Coliath= Cobiat) هي (ال)قبيات"؟

بيّنا سابقاً تحت عنوان "وثائق دير القديسة مريم اللاتينية..."[33] كيف زعم الأب موراني أن منطقة شمعا (في القبيات الغربية) واردة في الوثائق اللاتينية العائدة للمرحلة الصليبية تحت اسم بيتساما bethsama (بيت شمعا)، وكيف زعم أنه بتفكيره هذا يستكمل منهج الباحث جان ريشار. ونشرنا النصوص الحرفية لكلام جان ريشار حتى يتبين للقارئ مدى التزوير الذي عمد إليه عمداً الأب المحترم.

وهنا يحاول "أبونا" أن يقول أن القبيات هي قرية كوليات villa Coliath الواردة في بعض نصوص الهبات اللاتينية. ومحاولته هذه لا تقل تلفيقاً عن سابقتها، وعن الكثير غيرها.

لك أيها القارئ، وخصوصاً من أبناء القبيات، أن ترفض الاستهتار بعقلك وذكائك، وأن تتمسك بالحقيقة التاريخية. وإن كان من المشروع الاختلاف في "وجهات النظر"، فليس من المقبول تزوير الوقائع وتلفيقها، أو "اختراعها". وعليه ليست "قرية كوليات" villa Coliath هي قرية القبيات. وهذا أمر سنعود إليه لاحقاً.



[1] المدخل من وضع المترجم.

[2] المرجع:  Max van BERCHEM et Edmond Fatio, Voyage en Syrie, t. 1, in Mémoires publiés par les membres de l’Institut Français d’Archéologie Orientale du Caire, 1914, pp. 131-135.

في رسالته إلى السيد باربييه دو مينار M. Barbier de Meynard يأتي ڤان برشم على ذكر القليعات بقوله: "انطلقنا في الأول من أيار (1894) على طريق حمص. لدى مرورنا في القليعات Qlêy‘ât- (وردت كلمة القليعات بالعربية في النص الأصلي القُلَيْعات)- درسنا آثار هذا الحصن الصغير القائم على تلة منخفضة في وسط السهل. يظهر هذا الحصن في تاريخ الحروب الصليبية، ولكن بناءه يكشف عن أساليب بناء عربية، ولا يبدو أنه يقدم إي أثر أكيد عن قليعات (كوليات Coliath) الصليبيين)". راجع: Max van Berchem, “Recherches archéologiques en Syrie”, Journal Asiatique, 9ème série, t. VI, 1895, pp. 492-493.

[3] أثناء مرورنا كانت هذه الساحة تضم أكواخاً بائسة وحيوانات البدو شبه المقيمين الذين يزرعون السهل المحيط بالقلعة.

[4] لا عند ابن شداد الحلبي، ولا عند ياقوت، ولا عند النويري، ولا في باقي النصوص التي تقدم بعض التفاصيل حول أصل قلاع سورية.

[5] لم نعثر فيها على نقوش ولا على علامات نقشية.

[6] هل يشي هذا الشكل للاسم بوجود في الأساس لعدة قلاع منفصلة؟ لا يشجع على التقدم بهذه الفرضية موضع القلعة المتكون من تلة منخفضة سطحها متساوٍ. ولعله ليس لصيغة الجمع غير هدف واحد هو تمييز هذه القلعة (القليعات) عن القلاع التي تحمل نفس الاسم بصيغة المفرد (القليعة).

[7] البديل جوليات Goliath (أو جولياد Goliad)، في رسالة الأسقف سيمون المذكورة لاحقاً، ص 134، الحاشية 2، يبدو للوهلة الأولى اشتقاقاً شعبياً من اسم الجبار التوراتي الشهير. وعلى أي حال إذا ما قاربناه من صيغة جوليات Gouliat في des Annales (راجع لاحقاً ص 134، حاشية 2) لوجدناه بالأحرى انعكاساً للفظ المحلي لحرف القاف العربي qāf arabe بلفظ الحرف جيم المهموس g occlusif الواسع الانتشار في الأرياف السورية.

[8] راجع حول مصدري الخطأ: Notes croisades, p. 442 (58) et suiv.

[9] راجع: Paoli, Codice, I, p. 11, no XI; Delaville, Cartulaire, I, p. 76 (donamus Deo et Hospitali Iherosolomitano… villam Coliath cum omnibus pertinentiis suis…); cf. Rey, Colonies, p. 365; Röhricht, Regesta, p. 29, no 118.

[10] راجع: دولافيل Delaville، المرجع السابق، ص 167 (... طرابلس Tripoli، جبل الحجاج (أبو سمراء) Monte Peregrino، عرقة Arci، كوليات (قليعات) Coliato، رفنية Rafania...)؛ cf. Röhricht, Regesta, addit. P. 18, no 280b; ZDPV, X, p. 257, et les sources citées.

[11] راجع: Dussaud, Voyage, 1896, p. 2 et suiv.; CIA, II, p. 2 et suiv.

[12] هذا الاسم (القبيات) مكتوب على خارطة جليس Gelis: Koubayat et Vieux Koubayat، وعلى خارطة بلانكنهورن Blanckenhorn: Kubajat et Alt Kubajat، وفي رحلة دوسو (مرجع سابق، ص 4) الذي مرّ فيها آتياً من عكار: Koubaiyat. نحن نكتبه Qubai‘āt لأن خريطة بيروت حيث ترد الأسماء بالعربية ثمة قرية باسم قبيعات (الاسم وارد بالعربية فقط في النص الفرنسي) جنوبي غربي عكار، وهي مطابقة لقرية القريات Kourâayat في خارطة جليس. ليس علينا البحث في ما إذا كانت هذه الأسماء تشير إلى موضع واحد وحيد، أو إلى عدة قرى غير مموضعة بدقة بجوار عكار.

[13] راجع: Ritter, Erdkunde, XVII, p. 816 et suiv., حيث يكتب Kulaiât et Alt Kulaiât. إن وجود القبيات العتيقة Qubai‘āt (أو القليعات Qulai‘āt)، التي أشار تومسون إلى آثارها البازلتية، يؤدي إلى نفس الاستنتاج.

[14] لاحظوا هنا الاسم القبيعات، لا القبيات. وليس في تقاليد البلدة ما يشير إلى مثل هذا اللفظ إطلاقاً (المترجم).

[15] راجع: Ibn al-Athïr, XII, p. 181. في Hist. or. Des crois., IIa, p. 106 يقترح الناشر في ملاحظة له تعييناً بائساً لهذا الموضع مع قليعة الحشاشين Colée = el-Qulai‘a.

النص العربي كما جاء عند ابن الأثير في الكامل في التاريخ، الجزء التاسع، دار صادر، بيروت، 1966، ص 296-297: "... إن الملك العادل خرج من مصر بالعساكر الكثيرة... ثم سار إلى حمص فنزل على بحيرة قدس وجاءته عشائر الشرق وديار الجزيرة ودخل إلى بلاد طرابلس وحاصر موضعاً يُسمى القليعات وأخذه صلحاً وأطلق صاحبه وغنم ما فيه من دواب وسلاح وخربه وتقدم إلى طرابلس..." (المترجم).

[16] راجع: Laurent, Peregrinatores, p. 169; et ZDPV, X, p. 257, n. 10.. بدل كوليكات Culicath، يجب قراءة كولِيّعات Culieath بدل كوليْعات Culeiath، كترجمة لفظية دقيقة للكلمة العربية قليعات Qulai‘āt. فهل نفس الاسم محجوب في كلاي (Quelleyes des Lignages, Hist. des crois., Lois, II,p. 466, l. 14) حيث صيغة الجمع العربية تمت ترجمتها بصيغة الجمع الفرنسية؟

[17] راجع: Abu l-fida’, IV, p. 3; Hist. or. Des crois., I, p. 151; IIa, p. 222 (‘Aini); Maqrizi, Sultans Mamlouks, Ib, p. 27; Nuwairi, fo 71 vo (le 4 sha‘bān); Annales, dans A O L, IIb, p. 452 (le Gouliat); Simon, cite par Röhricht, Geschichte, p. 929, n. 5, et dans A O L, IIa, p. 382, n. 70 (Goliad ou Goliath).

وهاكم نص النويري غير المنشور (باللغة العربية في الأصل): ونزلوا على حصن القُلَيْعات فتسلموه في رابع شهر رمضان بالأمان وهدموه وعادت العسكر فنزل الأمير سيف الدين قلاون بالقرب من القُلَيْعات.

حصلت هذه الغارة في نفس ظروف غارة الملك العادل: انطلقت قوات بيبرس من حمص وسارت إلى طرابلس. يروي ابن الفرات هذين الأمرين ويشير إلى الاستيلاء على عدة حصون، بدون أن يسميها. راجع: Reinaud, Bibliographie, p. 767-780.

[18] راجع: Dussaud, Voyage 1896, p. 1 et suiv.; C I A, II, p. 2.

[19] راجع: Tachrīf, fos 40 vo et 74 vo, et dans Sultans Mamlouks, IIa, p. 178, 180, 222 et 226; Röhricht, Regesta, p. 377 et suiv., nos 1447 et 1450.

من المفيد أن نقدم النص العربي للهدنة في المرجع الذي يقدمه ڤان برشم "تشريف الأيام والعصور في سيرة الملك المنصور" لصاحبه ابن عبد الظاهر: "وفي هذه السنة (681 هـ/ 1282م) "استقرت الهدنة بين مولانا السلطان... وبين المقدم أفرير كليام ديباجوك مقدم بيت الديوية، بعكا والساحل، وبين جميع الإخوة الديوية بأنطرسوس... على بلاد السلطان... وبلاد حصن الأكراد وبلادها وأعمالها، وما هو داخل فيها... من بلاد وقرى ومزارع ومراجات وأراض وأبراج وطواحين // وغير ذلك، ومملكة صافيتا وبلادها وأعمالها وقراها وأسوارها... وميعاز وأعمالها، والعريمة وأعمالها، ... وجلبا وأعمالها، وعرقا وأعمالها وطِيبوَا وأعمالها، وقلعة حصن الأكراد وأعمالها وبلادها، والقليعات وأعمالها وبلادها ومرقية بكمالها وبلادها..."، ص 20-21.

[20] لم نعثر لها على ذكر لا في وثائق الدواوين المصرية للقرنين الرابع عشر والخامس عشر، ولا في حوليات ابن أياس.

[21] راجع لاحقاً ص 169، والصورة رقم 93.

[22] راجع: DUSSAUD René, Topographie Historique de la Syrie Antique et Médiévale, Librairie Orientaliste Paul GEUTHNER, Paris, 1927, p. 90.. ما قاله روهريخت واستشهد به دوسو هنا منشور (كما يوضح دوسو نفسه في نفس الموضع) في "مجلة الجمعية الألمانية لفلسطين" ZDPV، المجلد العاشر، عام 1887، أي قبل 7 سنوات على رحلة ڤان برشم، وقبل حوالي 27 سنة على نشر رحلته (راجع: ترجمتنا لنص دوسو في "منتخبات التواريخ والآثار في مواضع عكار والجوار"، الموضوع الأول، "بين طرابلس وحمص"، على موقع kobayat.org). في هذا المجلد وضع روهريخت مقالاً بعنوان "دراسة في جغرافيا وطوبوغرافيا سورية في العصر الوسيط"، وفيه طرح إمكانية وجود قرية كوليات villa Coliath بالقرب من قلعة القليعات: Röhricht, ZDPV, t. X, p. 257, n. 10: “el-kulai‘āt mit gleichnamigem chirbet ebenda“. ولم تفت روهريخت الإشارة إلى أن الرحالة إيلي سميث ذكر خربة قرية القليعات بالقرب من قلعة القليعات، في مسرد أسماء المواضع العربية المنشور في E. Robinson and E. Smith: Biblical Researches…, vol. III, 1841، أي قبل أكثر من نصف قرن على رحلة ڤان برشم (راجع ترجمتنا لمسرد إيلي سميث تحت عنوان "عكار منذ حوالي القرنين" ضمن سلسلة "منتخبات التواريخ...، القسم الرابع على موقع kobayat.org).

[23] راجع مقتطفات من نص رحلة تومسون ترجمناها تحت عنوان "عكار في جولة القس تومسن من بيروت إلى حلب في العام 1845"، ومنشورة على kobayat.org.

[24] لاحظوا هنا الاسم ليس القبيات، بل القبيعات Qubai‘āt، فالحرف (ع) بالعربية يقابله هنا الرمز (). وليس في تقاليد البلدة ما يشير إلى مثل هذا اللفظ إطلاقاً.

[25] لا بد من أن نتقدم بالملاحظة الآتية: ثمة خطأ كبير ما كان لبحاثة كماكس ڤان برشم أن يقع فيه. فما قاله تومسون عن استقبال سكان بلدة القبيات له واضح للغاية: "تركنا عكار باتجاه الشمال تقريباً لنصل بعد ساعتين إلى قرية مبعثرة، قليعات Cûlaiât (أي القبيات)... فاجأنا أهل هذا الموضع المنعزل بقولهم لنا: نحن كلنا فرنسيون (أو فرنجة) (نحن فرنسيون لا أحفاد الفرنجة، كما يقول ڤان برشم!)، وبما أننا إنكليز وبروتستانت رفضوا بيعنا الطعام لنا أو لدوابنا. ولكن لغز المفاجأة زال بظهور كاهن يسوعي استقر مؤخراً بينهم. بيد أن هذا الرجل المحترم قد لا يكون المسؤول لوحده عن فظاظتهم، فهم كفلاحين موارنة فقراء لديهم الكفاية من القساوة تجاه البروتستانت بدون أي أيعاز خارجي". مقصد تومسون واضح: أني إنكليزي وبروتستنتي، فقال لي سكان البلدة الموارنة أنهم جميعهم فرنسيون. وهم يقصدون أنهم مؤيدون للكثلكة، ورافضون للبروتستنتية التي يشجع عليها انكلترا والإنكليز. ولذلك رفضوا بيعه وصحبه ما يأكلونه كتعبير عن موقف رافض له ولما يمثله... هذا هو الاستنتاج الذي كان عليه استخلاصه، لا استخلاص دور ما في زمن المرحلة الصليبية. كان عليه تفسير كلام أهل البلدة على ضوء الصراع بين الدعاية البروتستنتية والدعاية الكاثوليكية، لا الذهاب أبعد من ذلك.

[26] راجع: "عكار في جولة القس تومسن من بيروت إلى حلب في العام 1845"، مقال منشور على موقع  kobayat.org.

[27] خليفة، عصام: الضرائب العثمانية في القرن السادس عشر، بيروت، 2000، ص 93.

[28] وضع الأب موراني أطروحة للدكتوراه، ثم نشرها: L’Architecture Religieuse de Cobiath sous les Croisés, thèse pour un doctorat en histoire de l’art, préparée par Afif MOURANI sous la direction de M. Yves BRUAND, Université Le Mirail-Toulouse, 1988. وصدرت هذه الأطروحة في كتاب بالفرنسية: P. César MOURANI, Cobiath sous les croisés, Zgharta- Liban, 2006. ويتم توزيع الكتاب من قبل الآباء الكرمليين، الحازمية. تبين لي مؤخراً أن الأب سيزار قام بتعديل بعض مقاطع أطروحته وحذف البعض الآخر منها، عندما نشرها، بوصفها طبعة جديدة، عام 2002 على موقع kobayat.org. كان الأحرى به انسجاماً مع التقاليد العلمية أن يشير، ولو عابراً، إلى أنه قام ببعض التعديل والحذف على الطبعة الأولى، ومن الطريف أن لائحة المراجع غائبة من النسخة الإلكترونية المنشورة على الموقع المذكور. ولكن الكثير من القبياتيين بحوزتهم نسخة عن الطبعة القديمة التي كان قد وزعها الأب موراني عليهم. ولدينا نسختان عليها توقيعه على إهدائها، فللراغب أن يتصفحها نضعها بتصرفه.

[29] سبق لنا أن عرضنا بالتفصيل عملية الانتحال هذه مع غيرها من عمليات تزوير نصوص العديد من المؤرخين، وبالتالي لا حاجة بنا لتكراره هنا. ويكفي لذلك مراجعة مؤلفنا "تحقيقات في تاريخ عكار والقبيات" الصادر عن مكتبة السائح، طرابلس لبنان، 2000؛ والمؤلف موجود على موقع kobayat.org، ويمكن لمن يرغب قراءته أو تحميله هناك.

[30] هذا النص شطبه وألغاه الأب المحترم من طبعة العام 2002 الإلكترونية ومن طبعة العام 2006. فتأمل الأمانة العلمية ايها القارئ.

[31] من الواضح أن ڤان برشم هو صاحب السؤال، وإليه يتوجه الجواب والتعقيب بعده.

[32] طال الحذف الذي قام به الأب موراني كل ما نسبه إلى دوسو.

[33] راجع النص على موقع القبيات، على الرابط أدناه: http://www.kobayat.org/data/books/joseph_abdallah/shamaa_katlabeh.htm

 

د. جوزف عبدالله

back to Book