back to Sleiman Chaar  

   يا ضنـــى

أبو سامر سليمان الشعار -  2016

 

 

 

  

يا ضنــى

 

الانتخابات البلدية في عندقت

 وجهة نظــر

 

  


يا ضنــى

 

إلى:

هنا، وسمر، وسامر، وأنيس

ووجدي، وريان، ونور

 

بيت الشعار: أعمامكم، وهم أهلكم

بيت الخوري: اخوالكم، وهم أهلكم

عندقت      : عائلتكم

هؤاوها حياة رئاتكم

ماء وادي عودين مياه جرن معموديتكم،

خبزها أول قربانتكم،

عمرانها تعب أجدادكم،

أرضها خيركم، وملاعبكم، ومثوى عظامكم،

أنفاس أهلها رائحة بخوركم،

مازة كأسكم أخبار كبارها،

عزة نفوسكم من كرامة شوارب ختياريتها،

انفتاحكم من انفتاح وادي عودين اللبناني، المقدس، على الكيمة- مسقط رأسنا – قرب قلعة الحصن، في سوريا الغالية.


نقد تجربة الأعضاء، في المجالس البلدية الثلاثة المتتالية.

 

يا ضنى، أيها العضو، في المجالس البلديّة، على مدى ثمانية عشر عاماً،

حدّد القانون اللبنانيّ عدد أعضاء المجلس البلدي، بحسب حجم السكان، لتعقّد الأمور الحياتيّة المعاصرة، ولتشعّبها، ولتخصّصها.

ولو كان واحد، فرد، يستطيع القيام بعمل المجلس كلّه، لما كان وجود الأعضاء ضرورياً.

أنت، يا ضنى، مع غيرك، أعضاء، في مجلس إدارة الشأن العام العندقتي، تطوّعاً.

ونحن لكم من الشاكرين، لتطوعكم لخدمتنا، ونقدّر نخوتكم. ونحن نحبّكم كأبناء ضيعة واحدة.

أنتم، في المجلس البلديّ التطوعيّ، تمثّلون عائلاتكم، أو أحزابكم. ونادراً ما تمثّلون أنفسكم.

وحين تجلسون على كراسي الإدارة، ستناقشون قضايانا وقضايا أولادنا، وأولادكم. وكل قرار تأخذونه، أو، لا تأخذونه، سيؤثّر علينا، وعليكم.

دوركم عظيم. لأن خمسة عشر متطوعاً، على طاولة واحدة، يعقلون أكثر من شخص واحد، وحيد. الواحد قد يخطئ، وهو صادق النيّة. وأنتم، مجتمعين، نادراً ما تخطئون. لذلك يُفترض أن نستبشر خيراً بوجودكم في إدارة شأننا، كلّنا، كعندقتيين.

لنناقش، يا ضنى، تجربة عضويتكم، خلال 18 عاماً، على مدى جيل.

أنتم، قبل أن تصيروا أعضاءً، أناس نشيطون، عندقتيون طيّبون، عمّرتم بيوتاً؛ ربيّتم عيالاً، ضحيّتم العمر لتعلِّموا؛ أنتم جيران أوادم، وأقارب أوادم، وأصهرة أوادم، وعدلان أوادم، وناجحون في أعمالكم. كل هذا بيّن.

ولكن، حين يرتضي واحدكم أن يكون عضواً، في المجلس البلديّ، ليدير أمور الناس، على أيّ أساس تكونون؟ بأي قطاع يفهم واحدكم؟ وبشكل صحيح، ودقيق، وعلميّ؟ وأنتم تعلمون، أنّ كل مجال حياتيّ هو إختصاص، تدرسه الناس، في الجامعة سنوات.

يا ضنى، أنت العضو في المجلس البلديّ، هل تفهم في شؤون المياه؟ في شؤون الصحة؟ في شؤون التلوّث؟ في شؤون الثقافة؟ في شؤون العمران؟ في شؤون التخطيط المدني؟ في شؤون التراث؟ في شؤون الغابات، في السياحة البيئية، في السياحة الدينيّة؟ هل تفهم ما القيمة الاقتصادية للجيرة؟ أين سوقنا؟ هذا القطاع الخاص، في عندقت، هل تعرف من يخدم؟ من هم زبائنه؟ هذه المليارات المستثمرة، في ضيعتنا، هل تعرف لمن تبيع؟ من تطبّب؟ لمن تصلّح؟ لمن تنشر وتقص الحجارة؟..

أنت، يا ضنى، رئيس لجنة بيئية. هل تعرف شروط البيئة الصحيّة؟ كيف نحافظ عليها لأولادنا؟ كيف نتعاون مع التعاونيّة الزراعيّة في عندقت؟ مع جمعيّة الحفاظ على الثروة الحرجيّة، في عندقت؟ مع النحّالين؟ مع مربّي الماشية؟ هل تعرف ما هي مواد الرش المسموحة، الممنوعة؟ هل تعرف آخر رشة للعنب، للتفاح... بكم يوم يجب أن يسبق قطفه، حتى لا ينـزل أبو يوسف عنبه، أو تفاحه، أو... إلى دكاكين، وسوق الضيعة، فنأكله، نحن، وأولادك، وأولادنا. هل تعرف إذا كان إنتاجنا الزراعيّ مطابقاً لمواصفات الصحّة العامة؟ هل تسأل نفسك يوماً ما سبب انتشار الأمراض السرطانية، عندنا وعند غيرنا؟

إذا كنت لا تعرف، فهل استعنت بمن يعرف؟ هذا إذا كنت عضواً. فإذا كنت رئيس اللجنة، هل اطّلعت على برامج اللجان السابقة؟ هل عدّلتها؟ هل غيّرتها كلّياً؟ أم لم يكن هناك لجنة، ولا برامج؟ لم تخبرنا، يا طويل العمر.

أصلاً، وأساساً، هل هناك لجنة بيئة؟ وهل تحضر اجتماعاتها؟ وماذا نفّذتم من برنامجها؟ وماذا أعاقكم؟ لم تخبرنا، يا طويل العمر.

إذا كنتَ، رئيساً، أو عضواً، في اللجنة الصحيّة، هل أنت طبيب؟ هل أنت ممرّض؟ هل عندك قميص أبيض في البيت؟ إذا لم تكن تعرف، هل اتّصلت بطبيب يعرف؟ بممرّض؟ ألست وزيراً للصحّة، في المجلس البلدي، باسم رئيس لجنة، كما وزير الصحة، في حكومة بيروت؟ ما نأكله؟ ما نشربه؟ ما نتنفّسه؟ هل يعنيك؟ ماذا فعلت اللجان قبلكم؟ لم تخبرنا، يا طويل العمر. ماذا حقّقت لجنتكم؟ ماذا أعاقها؟لم تخبرنا ، يا طويل العمر.

هل أنت عضو، أو رئيس اللجنة الاقتصادية، في مجلسنا البلديّ؟

فإذا كنتَ، هل تعرف كيف يتوزّع العندقتيّون، بين القطاع العام، والقطاع الخاص؟ فإذا كان القطاع العام له ربّ يرعاه – الدولة هي ربّ عمله – فمن يرعى القطاع الخاص، في عندقت؟ هل عندك دراسة بالمستثمرين في عندقت؟ ماذا يستثمرون؟ في أي مجال يستثمرون؟ من هم زبائنهم؟ نحن؟ فقط؟ أم نحن والجيرة من وادي خالد، إلى جبل أكروم وبيت جعفر، إلى ... حلبا؟ فإذا كان القطاع الخاص، في عندقت، يخدم هذه المروحة الواسعة، من البشر، في جيرتنا، فما كانت خطّتك، وخطّة بلديّة عندقت للتعامل مع الجيرة، القريبة، والبعيدة؟

هل تعرف، أنت، وكل أعضاء لجنتك، وكل أعضاء البلديّة، كم يستثمر أولاد المرحوم مخول القاضي، جورج، وطوني، وأولادهما، في عندقت؟ هل تعرف كم ملياراً، يا ضنى؟ أقول كم ملياراً، وليس كم مليوناً، هذه العائلة، النشيطة، الرائعة، هل سألتها يوماً إلى ماذا تحتاج كي تتطوّر استثماراتها، في عندقت؟

هل تعرف لمن يبيع إيلي، وجورج حاكمة، بنـزيناً ومازوتاً..؟ هذان الأستاذان في الاستثمار، وفي العلاقات العامة، هل سألت نفسك، مرة، أنتـ وجميع أعضاء المجلس البلديّ معك، كم هو عدد زبائنهم من أهل عندقت، بالنسبة إلى زبائن الجيران. هذان الأستاذان لا يقلاّن حنكة، وموهبة عن أولاد المرحوم القاضي. من سألهم، مرة، إلاما يحتاجان لتطوير استثمارهما؟ سؤال فقط.

الدكتور شعار، هذا الطبيب الأسطورة، ألا يخدم جيرة تمتد من قرحة وحنيدر، إلى الهرمل، إلى بيروت، أحياناً؟ كم عدد مرضاه، من عندقت، قياساً إلى العدد الإجمالي؟

وهذه السيّدة الرائعة، أنطوانيت ضاهر، كم فرصة عمل أوجدت، في فرنها؟ هذا الفرن الذي يطعم كل الجيرة، خبزاً، وكعكاً، وحلويات، وابتسامات؟ نجحت، بفضل رعايتكم؟ أو رعاية من سبقوكم؟ أم بفضل حنكتها وتعبها فقط؟

كم يستثمر ألبير رعد في معمله، ملايين؟ لا. مليارات، يا طويل العمر. مليارات. ماذا قدّمت له البلدية، الحاليّة، أو سابقاتها؟ أي أمر سهّلتم له؟ من سأله يوماً، إلى ماذا يحتاج لتطوير معمله، وهو يشتغل شهرياً، بمعدل 100 مليون ليرة؟ هل تعرف، أنتَ، والمجلس البلديّ، إذا كان يعاني من أية صعوبات ليستمرّ معمله في عندقت؟

مشروع الخوري الطموح، الحديث، العلمي، على طريق النهر، ومزارع فؤاد منصور وجورج وجريج الضخمة، بماذا ساعدتهم لجنتك؟ الاستثماران بأكثر من مليار ليرة، يا طويل العمر، وأكثر. ألا يستأهلان طريقاً، على الأقل؟

وأصحاب الآليات الكبيرة، من جرافات، أو شاحنات أو... هل يخدمون السوق العندقتية فقط، أم يخدمون الجيرة كلها؟

هذه نماذج.. وشيوخ معلمي الميكانيك، عندنا، الياس عبدالله، وجورج شيبون، ووليد أبو خنجر، كم سيارة يصلّحون، لأهل عندقت، مقابل سيارات الجيرة؟ هل سألهم أحد، ماذا يحتاجون؟

عندنا، يا ضنى، أجمل ضيعة، في لبنان، وأجمل طبيعة، هل سألت نفسك مرة، في اجتماع للبلديّة، لماذا أفلستْ كل مؤسسات القطاع السياحيّ، في عندقت؟ لماذا مؤسساتنا السياحيّة تصوفر، في أجمل وادي، في لبنان؛ وادي عودين المقدّس؟ في حين، أنّه، على بعد أمتار منّا، تنشط جميع مقاهي، ومطاعم القبيات؟ شو هالسر، يا ضنى..

مؤسسة فادي جبور، شيخ الشباب، وحدها تشعرك بحياة الشباب، ليلاً، نهاراً، ما عادت مقهى، صارت نادياً.

طبعاً، لا تختصر هذه الأمثلة البسيطة، كل القطاع الخاص، الرائع، النشيط، في عندقت – سنقوم بدراسة مستفيضة حول هذا الموضوع – المقصود هو، كم يشكّل دعم الاستثمار المحلّي، همّاً لك، وللجنتك، وللمجلس البلدي، كله؟ وكيف يمكن أن نغري الرأسمال الخارجيّ بالاستثمار في عندقت؟ لم تخبرنا، يا طويل العمر، ما هي خطّتك لإقامة بنية تحتيّة تخدم الرأسمال المحلي والخارجي، في ضيعتنا.

أصلاً، يا طويل العمر، هل تحضر اجتماعات المجلس البلدي بانتظام؟ فإذا كنت لا تحضر، لماذا؟ وإذا كنت تحضر، فهل تناقش، أم ترفع اصبعك موافقاً؟

يا ضنى، هل ساهمت في دراسة أوضاع الضيعة، أولاً؟ ثم شاركت في توزيع المشاريع على أولويات؟ ثم درست مع الأعضاء الآخرين الموازنة، على هذا الأساس؟ أين دراساتكم عن الضيعة؟ بعد ثمانية عشر عاماً، لا يعقل أن نكون نعمل بلا خطط، بلا خطة واحدة؟ ما كان تصوركم، في المجلس البلدي، لعندقت بعد عشر سنوات، بعد عشرين سنة، بعد ثلاثين سنة؟ هل ورثتم تصوراً؟ هل وضعتم تصوراً؟ لم تخبرنا، يا طويل العمر. هل تعرف، يا ضنى، أنك تدير أموالنا نحن، وليس أموال أهلك فلماذا لا تقول لنا، لماذا زفّتم هنا، وليس هناك؟ لماذا فتحتم طريقاً هنا، وليس هناك؟ لماذا عمّرتم هنا، وليس هناك؟

وهذه المناقصات، في الأعمال، كيف جرت؟ نحن لا نقول أنكم أهدرتم أموالنا. معاذ الله. ولكن، هذه أموالنا، ونريد أن تصرف، في المكان الأصح، في الزمن الأصح، وبالطريقة الأصح. علماً أن كل قرش صرفتموه، كان في عندقت، وألف شكر لكم. ولكن هذه أموال الشعب اللبناني، أموالكم، وأموالنا. فلماذا لا تسألوننا ماذا نحتاج؟ أتعرفون مصلحتنا أكثر منّا؟

مش صحيح. نريد أن نعرف أكثر، بكل شفافيّة، كلنا. ولا أحد يشكك، في نزاهتكم،وتطوعكم، وتفانيكم في الخدمة التطوعية.

يا ضنى، إذا لم تكن تفهم في قطاع يهمّ مصالح الناس، في عندقت، وإذا كنتَ لا تحضر، - لا سمح الله – ولم تكن نشيطاً، ولا فعالاً، ولا تستوضح، ولا تعترض، ولا تناقش، فماذا تفعل في المجلس البلدي؟

يا ضنى، عام 1958، جلس على مقاعدكم، حسن مسعود، ومطانيوس اسحق، وساسين أبو رعد، وسليم الياس حنا. ما كانوا أبطالاً في التاريخ. كانوا أوادم، يحلّون مشاكل الناس، في ضيعتنا، وفي الجيرة.

في عام 1962، جلس على مقاعدكم، عارف البيطار، كامل الدرزي، مطانيوس يعقوب، سليم الياس حنا، ساسين أبو رعد، مطانيوس ابراهيم نعمة، تادروس الراعي، مالك الشعار، بربر عماد، إبراهيم عيسى. هؤلاء كانوا معروفين. كانوا خيرة أبناء عندقت. مجتمعين، كانوا يشكّلون تعقّلنا ودرايتنا([1]).

مخفر الدرك مخفراً، كانوا يفتون في مشاكل أهلنا، وفي مشاكل جيرتنا، من وادي خالد، حتى جبل أكروم، حتى بيت جعفر، حتى عكار العتيقة وفنيدق. ما كان أحد يسأل: من هو مالك الشعار؟ ولا ابن من؟ كان إذا سأل غريب عن مالك، عن تادرس، عن ساسين، عن عارف، وبدون اسم عائلته، الكل يعرف.

هذا كان قبل 1960، وأنتم، يا ضنى، لا نعرف أغلبكم."هذا العضو ابن من؟" ينسبونكم إلى أهلكم. "أين يسكن؟ ماذا يشتغل؟"

في أية قضية داخليّة، أو خارجيّة، تهمّ الجيرة، تفتون.

هل تعرفون كم قضيّة عندقتيّة، عالقة في المحاكم، من سنوات، والمحاكم سلاحف. هل توسطتّم في خلاف؟ هل وسطكم أحد؟؟

يا ضنى، إذا لم تكن تفهم في أيّ اختصاص، ولا تحضر، ولست نشيطاً، ولا تستوضح، ولا تعترض، ولا تناقش، ألا تستحي؟؟

إذا سألك ابنك: "ماذا فعلت اليوم، يا أبي، في الاجتماع؟" تقول له: "رفعت إصبعي". أب. اصبع. كيف سينظر إليك ابنك؟

ماذا ستقول لزوجتك: "تحدّث الرئيس طويلاً، وهززت رأسي بالموافقة، كثيراً؟ ألا تستحي؟

أنت، أغلبكم منذ سنوات ست في المجلس النيابي. عافاك الله وعافاكم".

ونقدّر تعبك المجّاني، في خدمتنا. هلاّ تقول لنا: أي عزّ حققته لنفسك؟ ألا تسمع الأولاد يتهامسون: هذا أبوه عضو.. كما يتهامسون: هذه أمّه كذا... إذا كنت غير أهل، على طاولة إدارة شؤون الناس، فأنت بهدلت شخصك يا ضنى..

وهلاّ تقول لنا، ما العزّ الذي أضفته لعائلتك الكبيرة، والتي، خاضت معارك، وتحالفات، وعداوات، مع نصف الضيعة، لتجلس حضرتك على كرسي الأوادم؟ الحق ليس عليك، وحدك. الحق عليهم، لأنهم انتدبوك. وعلينا كلنا، لأن الجميع يعمل على القاعدة نفسها.

إذا كنت غير أهل لعضوية المجلس البلدي، فأنت بهدلت عيلتك، يا ضنى.

أنت تستحق أفضل من هذا. وعائلتك، أيضاً، لا تستحق هذه البهدلة، إذا لم تكن أهلاً، أنت عندقتي طيّب، شغّيل، صاحب عائلة، تربّي أولادك، شاطر في مهنتك، نحبك ونحترمك، كما أنت. فلماذا تقبل أن تصير شرّابة خرج فرس رئيس البلدية؟ وكل رئيس بلدية.. أي رئيس بلدية؟

في ضيعتنا ألف متعلم، متخصّص في كل مجال، ألا تستحي يا ابن الحلال، إذا لم تكن متخصصاً، وأهلاً، أن تجلس على كرسي الإدارة العامة لمعالجة قضاياهم؟

استحِ عَ دمك، يا ضنى، عَ طولك، عَ عرضك، عَ أولادك، عَ زوجتك، عَ عيلتك الكبيرة. أمثالك غير المؤهلين حولوا المجلس البلدي إلى بوسطة بسائق، ومعاون، وركاب. ونحن ما عدنا نريد ركاباً في بوسطة، ولو متطوعين، يكفي غشمنة، وهوبرة، وشوبشة في عرس الفارس.

نريد مجلساً بأعضاء، يناقشون أمورنا، ويخدموننا.

 

   

 

نقد تجربة بيت الشعار في الانتخابات البلدية، والاختيارية

 

حتى اليوم، شاركنا في كل العمليات الانتخابية، البلديّة، والاختيارية، مثل غيرنا من عائلات الضيعة. وتمثّلنا، في المجالس البلديّة الثلاثة بالدكتور الياس الشعار والدكتور فخر الشعار.

شاركنا، بصفتنا عائلة صغيرة، متواضعة، تجمع رجالنا قرابة الدم، من جهة، ومن جهة أخرى، بصفة حزبية، من خلال انتماء بعض شبابنا، إلى الأحزاب الموجودة في ضيعتنا: التيار الوطني الحر، القوات اللبنانية، والحزب السوري القومي الاجتماعي.

على مدى ثمانية عشر عاماً، لم نسأل أنفسنا، مرّة، هل كانت مساهمتنا، في العمليات الانتخابية، كعائلة، وكحزبيين، مفيدة للضيعة، لأولادنا. هل طوّرنا العمل الاجتماعي؟ هل أضفنا شيئاً؟ أين أخطأنا؟ أين أصبنا؟

ما يحصل هو التالي: نشارك في عصفورية التحالفات والانتخابات والخصومات، ونسوق مع السوق. بعد إعلان النتائج، نفرح، نزعل، وإلى اللقاء بعد ست سنوات، نلوك حزناً أو نفرح "بمجد".

لم نسأل العضو الممثل لعائلتنا ماذا يفعل؟ لماذا يعترض؟ لماذا يوافق؟ لا نعرف لماذا يمتنع عن الحضور. وإذا حضر، هل يناقش، أم يمضي على بياض. طبعاً، هو يحضر وربما يقدم خططاً رائعة، ويناقش بعمق، لا نسأل.

لم نسأل مرة عن أعمال المجلس البلدي. هل درس أحوال الضيعة؟ هل يتابع عمل المجالس السابقة، أو ينقضها؟ هل يعمل مثلها، أم طوّر مفهوم الإدارة؟

لم نسأل المجلس مرة، بعد دراسة أحوال الضيعة، أو الاستفادة من الدراسات السابقة، كيف نظّم أولويّات الخدمات؟ هل وضع تصوراً لعندقت، على مدى عشر، عشرين، ثلاثين سنة.

أو هل وضع من سبقوه ذلك التصوّر، وهو يتابعه؟ هل شكّل لجاناً متخصصة، خارج اللجان المالية اللازمة للانفاق، والمناقصة، والاشراف؟ نتحدث عن تلك اللجان، التي تشبه وزارات الدولة؛ لجنة الصحة، البيئة، الثقافة، الثروة الطبيعية، السياحة، العلاقات مع الجيرة، اللجنة الاقتصادية التي تخدم القطاع الخاص، الرياضة، التراث... وإذا كان شكلها، فهل رئيسها وأعضاؤها يفهمون في أعمال لجانهم، أم هم فقط أوادم؟ وإذا تشكلت اللجان فهل وضعت خططاً تنفيذية لعملها؟ هل استشارت مختصين؟ وإذا استشارت فهل نفّذت ما خططته؟ أم كان هناك عراقيل؟ وفي كل الأحوال، لماذا لا يطلعوننا على خططهم لخدمتنا؟ ألم يتطوعوا لخدمتنا نحن؟ فلما لا يسألوننا، وينالون موافقتنا؟ ولماذا نحن لا نسأل عن حقوقنا في المجلس البلدي؟

لم نسأل المجلس الحالي، ولا سابقيه عن حق من حقوقنا، كناس، كضيعة. ولم نقدّم مشروعاً واحداً، ولا اقتراحاً، ولا شكراً، ولا عتباً. وكأن المجلس يدير شؤوننا الروحيّة، لا الماديّة. وكأننا صمٌّ بكم لا نفهم، نُهوبر في يوم الانتخابات، ونُشوبش، وتصبحون على خير، بعد ست سنوات.

أبناء العم، لنناقش أمورنا، بهدوء، من أول الحكاية.

1- هل نحن عائلة؟

2- إذا كنا عائلة، هل عندنا عصبيّة تدفعنا للذود عن مصالحنا؟

3- وما هي مصالحنا، ومصالح أولادنا حتى ندافع عنها؟

4- هل هذه المصالح خاصّة بنا وحدنا، وتتعارض مع مصالح أهل الضيعة، مع نصفهم، مع ربعهم؟ مع واحد، فقط، منهم؟

5- وإذا كان لنا مصالح، ألا تتحقّق إلاّ بالتحالف مع نصف عائلات الضيعة ضد نصفها الآخر؟

6- وإذا كان لنا مصالح هل نحقّقها كمرشحين أم كناخبين فقط؟

7- وإذا كنا سنترشح، فما هو مشروعنا، أو مشروع غيرنا، الذي على أساسه، نربّي عداوات وصداقات، متقلّبة، تستمر فقط بعمر المجلس؟

أبناء العم، يا ضنى.

 

1- هل نحن عائلة؟ أكيد، نحن عائلة بيت الشعار. ونحن تجمعنا قرابة دم أكيدة، تنحدر إلينا، من جدودنا المشتركين، المعروفين. وكلّ من على هويته كنية شعار، فهو ينتمي إلى عائلتنا.

2- هل عندنا عصبية عائلية تدفعنا لعمل مشترك؟ لا بدّ، أولاً، من دراسة ظاهرة العصبية. ما هي؟ هي ظاهرة تنشأ في التاريخ، تتطوّر، وتتلاشى، كأية ظاهرة اجتماعية. ولذلك ليست ظاهرة إلهية، بلا بداية، ولا نهاية. ويكون بالتالي، استحضارها، في غير زمانها، كاستحضار الجمل في حل موضوع النقل المشترك، في بيروت. وهي نعرة، عاطفة، اندفاع داخلي، يحفّز أهله للدفاع عن مصالح، يحدّدونها ويعتبرون الاعتداء عليها، اعتداء على كلّ منهم.

كيف تنشأ العصبية؟ أول شروطها، قرابة الدم الأكيدة أو المتوهمة، بين الرجال. أما دوامها فيرتبط بعناصر أخرى، متى غاب أحدها، سارت العصبية على درب الأنحلال.

هذه العناصر هي:

1- السكن الجغرافي المتجاور بشكل دائم،

2- التفاعل اليومي والكثيف بين أبناء العصبية،

3- وجود عصبيّة أخرى تهددها، في مصالحها،

4- تقارب وشبه تماثل في المستوى الاجتماعي، الثقافي.

1- هل سكننا الجغرافي، كشعّارين، متجاور؟ لا، ليس متجاوراً، نحن موزّعون، في السكن، بين الحارة الغربية، والساحة، والمرج، وسهلة قرباط، وعين العروس، والحارة القبلية، ومار جرجس. يعني، في كل الضيعة. ونحن، في هذا التوزع الجغرافي، لا نسكن وحدنا، متلاصقين، بل بين جيران من غير عائلتنا. في الحارة الغربية، مثلاً: آل أنطون، آل قحوش، آل غصن، آل سركيس، آل النغيوى، آل الدرزي، آل شحود، آل الركوي، وبيطار...

تقريباً نحن، في حارة واحدة، جيران لكل عائلات الضيعة، نعيش معهم، بينهم. والأهم، مصالحنا مصالحهم.

2- هل التفاعل بيننا يومي وكثيف، حتى يكون عندنا دائماً، أفكار واحدة، وعواطف واحدة، وردات فعل واحدة؟ لا. لا كثيف، ولا يومي، ولا شهري، ولا سنوي. كل منا، هو في علاقة كثيفة، ويومية مع جيرانه، ومع زملاء المهنة. ولسنا الوحيدين في ذلك. كل بيوت الضيعة، على هذه الطريق. تجمعنا فقط مراسم الموت. وبعد الأخذ بالخاطر، يبقى في صالون التعزية، الأهل الأقربون فقط.

في الفرح، ما عاد جميع أبناء العيلة مدعوين.بعض الأقربين. الآخرون من عيلتنا، لا هم مدعوون، ولا هم يهنئون، وقد لا يعرفون أصلاً بخبر الزواج، إلاّ على "الفايس بوك"، وكذلك بخبر العمادة، وبأول قربانة، وبنجاح الأبناء في الشهادات...

حتى، ما عاد أحد يعايد أحداً، لا في أعياد الميلاد، ولا في الفصح، وأكيد لا، في عيد مار مارون، أو مار شربل. الأقربون، فقط، يتعايدون، والباقي قد يتعايدون على "الفايس بوك".

والأعجب أننا ما عدنا نعرف بعضنا. "هذا ابن فلان؟ ما شاء الله. أمس، كان صبياً". أمس، يعني من 10 – 15 سنة لم يره.

وهذا ليس عيباً، أو نقصاً. هذا واقع. كما كان أمام كل بيت مزبلة ومربط ومعلف للبقرة وللحمار، اليوم أمام كل بيت سيارة أو كاراج. هذا صحيح في زمانه. وذاك، كان صحيحاً، في زمانه. ولا أحد، الآن، يتحسّر على أيام مضت.

وهذا لا ينفي الرغبة في الاحتفال بالمناسبات، بشكل عائلي، مشترك. ولا يقلّل من قدر الذين يسعون لذلك. وارى أنّه، من الضروري الاستفادة من كل مناسبة فرح تجمعنا.

إذا كانت أقرب زيارة، بيننا، أبناء العائلة الواحدة، يلزمها سيارة، ونحن في الضيعة، فكيف سيكون عندنا تفاعل يومي يخلق وحدة مشاعر، وانفعالات وأفكار؟ دون أن ننسى الرَبع، في المدن، وخارج الوطن.

3- هل هناك تهديد حياتي لنا مستمرّ، من عصبيات أخرى، في الضيعة؟ لا. نحن، من آخر العائلات التي استقرت في الضيعة. وتملكنا أراضي، وعمّرنا بيوتاً، وعلّمنا أولادنا، وشاركنا ونشارك في كل المجالس، والنقاشات، في عندقت. والناس تحبّنا، وتحترمنا، وبرز منّا كثيرون. وربما نكون أكثر عائلة متعلّمة. ولنا فضل على الناس، وللناس فضل علينا. أولادنا في القطاع العام والخاص. وزوّجنا بناتنا وصبياننا للعائلات الأخرى. وتزوجوا منا. ونحن أخوال الجميع، والجميع أخوالنا، وخالات الجميع، والجميع خالاتنا، وأجداد الجميع، والجميع أجدادنا.

فلا أحد يهدّدنا ، في رزقنا، وفي أشغالنا، ولا في مستقبلنا ومستقبل أولادنا. ونحن نعيش، سعيدين، بقدر ما نريد، وما نستطيع، دون أن يعتدي علينا أحد، أو نعتدي على أحد.

3- ما هي مصالحنا، ومصالح أولادنا؟ وهل هي خاصّة بنا، وتتعارض مع مصالح كل، نص، ربع الضيعة؟ مع واحد، أحد، في الضيعة؟

لنأخذ مجموعة واحدة من عائلتنا: الشعارين في الحارة الغربية. نحن نسكن بين جيران من كل العائلات، تقريباً. فإذا انقطعت المياه عن الحارة الغربيّة، عطشنا، كلنا، شعّارون وغير شعّارين. وإذا انقطعت الكهرباء، عتّمت، عندنا، وعند الجميع. وإذا تحفّرت الطريق، خربت سيارات الجميع. فما مصلحتنا، التي تتعارض، كثيراً، أو قليلاً مع مصالح كل الجيران، والتي نستثير عصبيتنا المتلاشية لدفاع عنها؟ إذا وقع المقدّر، سنصرخ: يا جيران. هذا لا يمنعنا من حب أولاد عمومتنا، الموزّعين في الحارات الأخرى، والتي مصالحهم هي ذاتها مصالح جيرانهم، في الحارات الأخرى.

إذا كانت مصالحنا هي ذاتها مصالح الجيران، من كل العائلات، فلماذا نريد أن نخوض في هذه العصفورية، حيث الرابح يخسر نصف الضيعة، والخاسر يخسر نصفها الآخر؟

ألا ترون الأخ، في الانتخابات، يقاطع أخاه، والجار جاره، والعديل عديله، وابن الأخت خاله؟ هذا السمّ الذي نزرعه، في كل انتخابات، ألا ترونه يأكل قلوبنا؟ وهذا الشك في كل علاقة اجتماعية. يكون العندقتي جاراً طيباً، وعاملاً نشيطاً، وأباً مضحّياً، حتى نشكّ في ولائه الانتخابي، فيتحوّل عدواً نستكثر تحية الصباح عليه.

بعد ثلاثة مجالس بلدية، هل حان الوقت لننقد تجربتنا، لنفكّر بما ينفعنا، وينفع كل العندقتيين، طالما أنّ مصالحنا هي مصالحهم كلهم؟ هل حان الوقت لنقول للجميع: يا جماعة الخير، نحن كلنا أهل، ومصالحنا واحدة. فعلى ما نختلف؟

الواضح تماماً، أننا عائلة، ولكن ما عادت هناك شروط تاريخيّة لاستمرار العصبيّة العائلية الشعّاريّة، على قاعدة مصالح خاصة بنا، وحدنا. لسنا نحن وحدنا هكذا. كل العائلات الأخرى تنوس عصبياتها، ولا يوقظها، اصطناعياً، إلاّ بعض ديوكها. ماتت كل العصبيات. كلها وهم.

ثم هناك جديد طرأ على العصبية العائلية، وتجاوزها: هو تواجد ألأحزاب بامتداد لا بأس به، في عندقت، وخاصة، التيار الوطني الحر، والقوات اللبنانيّة.

وهذه ظاهرة صحيّة، وضرورية. فكم هو رائع عمل شبابنا، معاً، متجاوزين خلافاتنا، وعصبياتنا العائلية، إلى عصبيات سياسيّة يفترض أنها فوق عصبية عائلاتهم. وهذا حقهم، وخيارهم. ونحن يجب أن نشجّعهم، وننصحهم دون أن نمنعهم، ونحترم خياراتهم إلى أبعد حدّ. وقد يصدف أن تلتقي توجهات أحزابهم مع طموحات عائلتنا. وقد لا يصدف. وفي كل الأحوال، هؤلاء الشباب من عائلتنا، ولكن خارج عصبيتها، التي تنوس للأسباب التي شرحناها.

ثم، هذه "العصبية" لا تشمل إلاّ نصفنا، فقط. فبناتنا، متى تزوجن، في العائلات الأخرى، تنقطع عنهن "العصبيّة" العائلية. وهذه مأساة، ومهزلة، في الوقت ذاته. أبناؤنا الصبيان المتزوجون، أقارب لنا. وبناتنا المتزوجات، لا. تبقى البنت شعاريّة، حتى تتزوج. عندها تتبع عائلة أخرى، "عصبية" أخرى.

هل ناقشنا، مرة، هذه المهزلة – المأساة؟ نحن نتجاهلها، ونتحايل عليها. نريد من الكنّة أن تلتزم بمصلحة زوجها، وبيت عمّها، وأن ننسى أنه كان لها أم، وأب، وأخوة، وأخوات، وأعمام... وأنها كانت تحبّهم، وأنّهم تربّوا معاً، وأكلوا معاً، وفرحوا معاً، وحزنوا معاً. والعائلة الأخرى تريد من بنتنا، التي صارت كنّتهم الالتزام ذاته. أبناؤنا الصبيان يرثون العائلة و"عصبيتها"، ويورثونها. وبناتنا يرثن العائلة و"عصبيتها" حتى يتزوجن، فينتقلن إلى عائلة و"عصبية" أخرى، ويتمزّقن بين "عصبية" أهلهن، و"عصبية" أزواجهن وأبنائهن. هذا ما تفعله الانتخابات القائمة على "عصبيات" متناحرة. تنحر بناتنا، وأحفادنا أولاً.

لا تسأل "العصبيات" الجاهلية المتناحرة كيف سيقف أبناء بنتنا، بين جدهم لأبيهم، وجدهم لأمهم؟ بين جدتهم هنا، وجدتهم هناك؟ والأحفاد ينامون في أحضان هؤلاء وأولئك. و"هذا الجدّو. وهذا أيضاً الجدّو. وهيدي التيتا، وهيدي كمان التيتا. وهيدا خالو، وهيدا عمّو".

إذا سألتموني سأقول لكم رأيي، في هذه "العصبيات"، العائلية، القاتلة، الوهمية.

أهلي، أحبّهم بشكل طبيعيّ. وأحبكم كلكم، وأحبّ أولادكم. ويهمني فرحكم، وحزنكم. وهذا طبيعي.

ولكن، ما هو أيضاً طبيعي جداً، محبتي لأهل زوجتي، بيت سامي الخوري. لأبو جان، ولأم جان، فهم أجداد أولادي، ومحبتي لجان، ورغدان، وجوزف وكارلوس، فهم أخوال أولادي، ولنجاة، ومنى، وأمال فهم خالات أولادي. هؤلاء كلهم، أحبّهم، وأحترمهم، وأحبّ أولادهم، وأصهرتهم، وكناتهم و... كم نامت سمر في حضن خالها، وكم أنيس، ورغدان، ناما في فراش واحد، وكم تدلّل سامر في بيوت خالاته، وأخواله. ويزور أولاد ابنتي سمر، التيتا أم جان، لأن التيتا أم الياس ماتت.

أهل زوجتي أحبهم لأنهم أهلها، ولأنهم أجداد أولادي، وأخوال وخالات أولادي. أحبّهم، وأحترمهم، لأنني أحبّ، وأحترم ابنتهم، زوجتي، هناء. وهي امرأة عظيمة جبارة، ككل نساء ضيعتنا. وهي امرأة لها كرامتها، وعزّتها، ومشاعرها، ككل نساء ضيعتنا. وهي ليست جهاز تلفزيون يخضع تغيير القنال فيه لريموت كونترول، تكون عند أهلها، على قنال، فيغيّرها بيت عمها على قنال "عصبيتهم".

أبو جان، وأم جان وعائلتهما، هما تماماً مثل عبدالله الشعار وفريدة الشعار وعائلتهما، بالنسبة لي. وأهلي في بيتنا معزّزون. وكذلك أهلها، وكل أقاربها.

أنا، حيثما تكون سمر وأولادها تكون روحي. وما يرضيهم، يرضيني. وما يحبونه، أحبّه، والغالي على قلوبهم غالٍ على قلبي.

ولست أنا وحدي هكذا. أبو جان وأم جان أيضاً. وكلّ الأجداد والجدّات، في الضيعة. وكلكم هكذا. حيث يكون أولادنا، وأحفادنا نكون. وكل العصبيات وهم.

بناتنا متزوجات في كل عائلات الضيعة. وأحفادنا، في كل عائلات الضيعة، وأرواحنا، وقلوبنا، في كل عائلات الضيعة. دماء بيت الخوري تسيل في عروق أولادي، بيت الشعار. ودماء بيت الشعار تسيل في عروق بيت فخر. والكلّ جدّ للكل، والكل خال للكل. وكل من يضع زيحاً بين عائلة وعائلة، على أساس عصبيّة ما، هو واهم.

نحن جميعاً عائلات، ولكن مصالحنا هي واحدة، وبالتالي لا حاجة "لعصبية" عائلية تدافع عن مصالح، هي ذاتها مصالح كل العائلات. نحن أجمل ضيعة، بعائلات كثيرة، بعصبيّة عندقتية. فكلنا أقارب لكلنا.

أبناء العم، يا ضنى.

نشأت العصبيات تاريخياً، وماتت اليوم. ماتت مع الميجانا والعتابا. ماتت مع الجمّالين، والبغّالين. ماتت مع حمل الجرن وتربيع الجرس. ماتت مع المزابل أمام البيوت، نفتخر بها، مع التبّان وحاصل القمح.

كل العائلات العندقتية عائلات قُربى. وكل عصبياتها وهم، وخداع، وتفتيل شوارب. فمصالح الجميع واحدة، كبيرة كانت العيلة، أو صغيرة. وغبار هذه العنتريات العصبية يثيرها 4 – 5 ديوك، فقط. وهي عنتريات لا تعبّر عن مصالح أحد.

4- أي موقف يمكن أن نأخذه في هذه الانتخابات البلدية، والاختيارية؟

لا بدّ من التذكير مجدداً بطبيعة المجلس البلدي. هو مجلس متطوعين، يدير الصالح العام المحليّ، بأموال اللبنانيين، من خلال لجان متخصصة، تخضع جميعها لمراقبة، ومحاسبة الدولة، والناخبين. الأهم، في كل هذا التعريف أنه مجلس متطوعين لخدمتنا.

1- موقف أول: طالما أن غيرنا يتطوع بحماس لخدمتنا، ولخدمة غيرنا، وطالما أنه لا مصالح لنا خاصة، تتعارض مع أحد، في الضيعة، فلما لا نقول: "بارك الله كل من يريد الخدمة العامة. ونحن له شاكرون. وسنسأله كل مدة، كيف يتطوّر العمل، وسنقترح على مجلس المتطوعين ما نراه مناسباً؛ وسنعترض على كل تجاوز أو تقصير؛ وسنرفع اعتراضنا إلى سلطات الدولة الرقابية، إذا لزم الأمر. وفي كل الأحوال سنكرّم مجلس المتطوعين البلدي، كل سنة. ألا يكفي أنهم يجتمعون، كل أسبوع، لمدة سنوات، محاولين خدمتنا؟.. ونمتنع عن الترشح. وننتخب الأكفأ.

2- موقف ثان: قد يقول البعض "هذا انسحاب من الحياة العامّة ولوو.. نحن مئة صوت..شو ما النا كلمة بالضيعة؟؟ لأ... نحنا هون.. شو نحن نكرة؟؟ ما حدا بيحسبلنا حساب؟ وكل مارق عالطريق بيحطّنا بجيبتو؟ ليش غيرنا بيشو أحسن منا، حتى يكون بالبلدية، ونحن برّا؟؟.."

لنناقش بهدوء هذا الاحتمال. أنا أرفض كلياً، ألاّ نشارك في كل ما يهمنا، ويهمّ الآخرين، ولو كنا ثلاثة أصوات. نحن، في الضيعة، أوادم، مثل غيرنا. وساهمنا في الخير العام العندقتي، أقلّ قليلاً أو أكثر قليلاً من الآخرين. ويجب أن تكون لنا كلمة في كل شأن عندقتي. ولا نقبل أن نكون في جيبة أحد: فراطة.

ولكن، يا ابناء العم، لماذا لا يكون لنا كلمة في شؤون التعاونية الزراعيّة، وهي مجلس متطوعين منتخب، وتشرف عليه الدولة، ويخدمنا في شؤوننا الزراعية كلها؟ تقف التعاونية الزراعية، اليوم، على أكتاف هذا الأستاذ الخدوم، الياس بربر، وحده. نحن لا نلبّي، حتى، دعوات مجلس الإدارة التعاونية للاطلاع على المشاريع، على الموازنة، على...

أليس عندنا كلمة عاقلة يقولها المئة صوت، في هذا الشأن؟

ب- ولما لايكون لنا كلمة في عمل لجنة بناء الكنيسة، هذه اللجنة الآخذة على عاتقها بناء صرح كنسي أسطوري، بالنسبة لامكاناتنا القرويّة. لجنة بناء الكنيسة ترفع الصوت، كل مدّة: "يا سامعين الصوت، هل من متطوع، يساعدنا يحلّ محلنا. كرمال مار الياس". هؤلاء الناس الطيبون في اللجنة.

لم نشكرهم مرة باسم المئة صوت.

ج- ولما لا يكون لنا كلمة عاقلة نقولها للجنة صندوق التعاضد، هذه اللجنة الرائعة، التي تسهّل أمور عزائنا الاجرائية. ألا يستأهل منا، هؤلاء المتطوعون: كلمة شكر، كلمة عتب، نصيحة، اقتراح؟

ولجنة الوقف، لمالا يقول فيها المئة صوت شيئاً ما؟ شكراً عميقاً، هؤلاء المتطوعون الطيبون.

وجمعية التنمية الحرجية AFDC، ألا يستأهلون منا كلمة شكر كبيرة بكبر المركز الذي أقاموه بهمتهم في عودين، ولا يزالون يتوسعون فيه وفي خدماته. هل تقبلون أن يحصل نزاع بينهم وبين المجلس البلدي، ويصل إلى المحاكم؟ هل تقبلون أصلاً أن تشتكي البلدية على أية لجنة في الضيعة، مهما كانت الأسباب؟

أقول مهما كانت الأسباب. ألا تحرز أن يكون للمئة صوت شعاري، صوت عاقل، في هذا الخلاف.

وجمعية مار منصور؟ كم مرة أدخلت الفرح إلى كبارنا وصغارنا؟ لم يسمعهم مئة صوت، صوتاً واحداً عاقلاً.

كل هذه الجمعيات التطوعية تعمل لصالح الجميع. فلما لا يكون لنا، في أعمالها كلمة. هي كلها، تستحق على الأقل، من جميع أبناء الضيعة، ومنّا خاصة، كلمة شكر عميقة، نقولها في احتفال تكريمي عام لكل المتطوعين، سنوياً. دون أن ننسى عناصر الدفاع المدني، المظلومين، الصامتين، الرائعين.

 

يمكن أن تشارك في الانتخابات البلدية، على جري العادة.

لمناقشة هذا الاحتمال، لا بدّ أولاً، من بعض الملاحظات:

أولاً: في العدد. إذا طرحنا أعداد شبابنا المنتسبين للتيار الوطني الحر وللقوات اللبنانية، والأحزاب الأخرى، قد لا نبقى مئة صوت. ليس لأن الشباب الحزبيين ليسوا شعّارين، وإنما لأن ولاءهم سيكون لأحزابهم، إذا كانوا حزبيين صحيحين. وهذا حقهم. ونحن نحترمه.

ثانياً: في حدود الطموحات. سنفترض أننا مئة. هناك مسؤوليتان لا يحق لنا أن نطمح لها: سائق بواسطة المجلس البلدي، ومعاونه. يمكن أن نبحث عن محل بين الركاب، ليس لقلة الكفوئين فينا، وإنمنا لأن غيرنا يحسب العملية الانتخابية، كما نحسبها نحن: أعداد، وأصوات. وطالما الأرض تدور حول الشمس، وستبقى تدور، سيظلّ 400 أو 500 صوت أكثر من مئة صوت. وطالما العدد هو المقرّر الأساس، وليس الكفاءة الشخصية، سيبقى القرار لصاحب 400 – 500 صوت، ولمن يتحالف معه. هذا ما حصل في دورات انتخابية ثلاث، ونحن شاركنا فيها كلها، على قاعدة العدد. فإذا كنا الآن سنراهن على مقعد، خارج مقعد الركاب، فنحن لم نتعلّم شيئاً من الحساب، لا في المدرسة ولا في الحياة.

إذاً، يا ابناء العم، نحن نبحث عن محل بين الركّاب. "بس هيدا أكبر عيب بحقنا وحق أولادنا". ماذا سيفعل راكبنا بين ركّاب لا يستعملون من أيديهم إلاّ أصبع الموافقة. خاصة، إذا كان الشوفير بأذن واحدة؟ يعني أنتم مقتنعون أننا إذا حصلنا على راكب تكون لنا كلمة، ولا نكون في جيبة أحد، ولا نكون برا؟ ألم نتمثّل بأفضلنا في المجالس البلدية الثلاثة؟ ألم نقدّم أفضل خططنا؟ هل كنتم ممنونين لهذه التجربة؟

تريدون المشاركة في المجلس البلدي، لنحصل على راكب. سبق أن حصلنا على راكب. لم يتغير شيء. وحصلنا على ما لا نريده أيضاً: قلة الثقة بين الناس، في عندقت، وتعميم الشك على كل العلاقات اليوميّة بيننا

ثالثاً: لماذا كل هذه الأقنعة؟ ما عدنا نعرف أوجه بعضنا الحقيقية، لكثرة ما تلبس أقنعة. فنحن في عائلتنا نلبس قناع الولاء التام، وإلاّ شككوا في شعاريتنا؛ نذهب لعند بيت عمنا – أهل زوجاتنا – نلبس قناعاً آخر، لأننا كنا أخصامهم في الانتخابات. نذهب إلى العمل، فنلبس قناعاً ثالثاً، لأننا لا نعرف من انتخب من. ومع الجيران قناع المسايرة... وهكذا نستعمل أقنعة، في حياتنا اليوميّة، بقدر ما كنا نستعمل هويّات مختلفة على حواجز الميليشيات في أحداث 75 – 90.

ولكن لماذا يجب أن نعيش هكذا، نحن وغيرنا؟

رابعاً: نريد أن نعيش سعداء

نحن لا نريد أن نحيا بأقنعة. نريد أن نعيش سعيدين بوجوه حقيقية، بين كل عائلات الضيعة. في أوروبة أدخلوا مقياس السعادة على تصنيف الدول والشعوب. ووضعوا له معايير محددة: صحة، وظيفة، علاقات اجتماعية دافئة وحسنة... كما هناك مقياس لتلوّث الجو في مدنهم. يكاد مقياس السعادة أن يكون مكرساً، في القانون، كحق العمل، على أساس أن الله خلق الإنسان ليكون سعيداً، على الأرض، وفي السماء. وأول شروط السعادة، بعد الصحة، وضعوا العلاقات التضامنية، التعاونية، الدافئة، بين الناس، بحيث يحسّ كل فرد، في مجتمع صغير، أنه محبوب، ومحترم، ومرغوب، وأخ، وصديق، وابن للجميع. فلا يخشى أحداً، ولا يشك بأي سوء يأتيه من محيطه.

ونحن، هنا، نسعى لسعادتنا، كما نقدر. نجد سعادة في سيارة جديدة، في بيت، في شرب، في سهر، في ضحك، في لعب... وفي حين يسعى كل بيت إلى أقصى ما يستطيع من سعادة، نسعى كلنا، وبدون استثناء أحد، إلى أقصى ما نستطيع من ألأذى المعنوي، وإلى التسبّب بالحزن العميق لأقرب من نحب، في كل انتخابات بلدية أو اجتماعية.

نضع زيحاً، نحن وغيرنا، بيننا وبين العائلات الأخرى. كل ما، ومن داخل الزيح خير وكل ما، ومن خارج الزيح شر.

خامساً: ماذا نفعل بنسائنا؟

كل النساء المتزوجات، خارج العائلة، خارج الزيح. عملياً، ماذا يقول الزوج لزوجته، من عائلة – أخرى -: "ليكي يا مرا، انتِ على راسي، وعيني، بس بدنا نكسر راس كل أهلك، لأنهن ضدنا بالانتخابات..."

ماذا يقول الأب لابنته، المتزوجة من عائلة أخرى: "ليكي يا بنتي بحبك، بس بدنا نقرف رقبة جوزك وولادك لأنهم ضدنا في الانتخابات..."

ماذا يقول الأولاد لأمهم – ما من عائلة أخرى -: "ليكي يا ماما، انتِ أمنا، بس أهلك بلا شرف، وبدنا نعمل فيهم..." وهكذا يقول الخال لأولاد أخته، والجد لأحفاده، في العائلة المنافسة.

ربما، لا نقول الكلام لنسائنا، بهذه القسوة، ولكن عملياً، ما نفعله هو أكثر همجية، هذا هو منطق العصبيات القاتلة، الجاهلة.

هل سألنا أنفسنا مرة، أيّ حزن يلف كل نسائنا، في كل انتخابات تقوم على عصبيات جاهلية؟ كل أحزانهن يخبئنها داخل الأضلع. ويلها، كل أم، بين أهل زوجها وأهلها. ويل كل أخت، بين زوجها واخوتها. ويل الأحفاد خاصة، بين أجدادهم يتقاتلون، على رئيس أو راكب. تصمت نساؤنا، وتمضين في الحياة صابرات، داعسات على مشاعرهن، وعلى قلوبهن، ليحافظن على عائلاتهن الصغيرة. ويتجدّد الحزن كل ست سنوات.

ونحن الرجال، نمضي من انتخابات إلى انتخابات رافعين راية عصبياتنا، ننتقل من أم المعارك، إلى أخت المعارك.

إن نصفنا – الصبيان – شعّارون، في بيت الشعار. ونصفنا الثاني – البنات – شعاريّات، في العائلات الأخرى. وبالتالي، كما يقربنا أبناء صبياننا، يقربنا أبناء بناتنا. والأجداد، من الجهتين، يجمعهم الأحفاد، والأخوال، والأعمام، والخالات والعمّات، يجمعهم أبناء الصبيان، وكذلك، أبناء البنات. فالكل، في الضيعة، أهل، بقرابة صحيحة. ومن يدّعي غير ذلك جاهل.

أنا، كليّ فرح، وثقة، أنّ الكل، في الضيعة، أهلي، وأجدادي، وأعمامي، وأخوالي.

سادساً: ماذا فعلنا بالعمل التطوعي؟

المجلس البلدي – للتذكير – هو مجلس 15 متطوعاً، لخدمتنا، بأموالنا. هذا هو المجلس البلدي. والله العظيم، هذا هو. عمل تطوعيّ لخدمة الضيعة. وكما فنجان القهوة، هو لشرب القهوة، المجلس البلدي عمل تطوعي لخدمة الضيعة. وكما الصحن على مائدة طعام، هو لنأكل، المجلس البلدي عمل تطوعي لخدمة الناس. وكما السيارة لتنقلنا، المجلس البلدي عمل تطوعي لخدمة الناس.

ولم نرَ أحداً يستحمّ في فنجان قهوة، ولا غسلت أم طفلها في صحن طعام، ولا زرع أحد سيارته خساً، فلماذا نحوّل نحن مجلس المتطوعين البلدي، إلى سبب نزاعات وخلافات؟

أن نشارك، كشعارين، في العمل البلدي، والاختياري، و... يعني أننا نريد أن نتطوع للخدمة المجانية.

من تريدون أن تخدموا؟ صبيانكم وأبناء صبيانكم، فقط؟ لا تريدون أن تخدموا بناتكم وأبناء بناتكم؟ معقول؟

تريدون أن تخدموا الجميع؟ فلماذا إذا نتحالف مع نصف عائلات الضيعة، ضد نصفها الآخر؟ نتصارع مع النصف لنخدم الكل؟

تريدون أن نخدم الجميع؟ لماذا إذاً نتآمر مع نصف الضيعة لندعس رقبة نصفها الآخر؟

تريدون أن نخدم الجميع؟ لماذا؟ إذاً، نتحالف مع الأعمام ضد الأخوال مع أبناء الأعمام ضد أبناء الأخوال؟ مع العمات وأولادهم، ضد الخالات وأولادهم؟ مع أجداد ضد أجداد؟ مع زملاء ضد زملاء، مع جيران ضد جيران؟

ثم، يا ضنى، يا ابناء العم

لنلقِ نظرة على مجتمع الضيعة. نحن صرنا ضيعة متقاعدين، مع بعض العائلات الشابة، التي لا يزال أبناؤها في مدرسة قبل الجامعية.

لنأخذ مثلاً من حارة الغربية. أولادي الثلاثة، خارج الضيعة، وخارج الوطن. بعد عمر طويل، سيكتبون: هنا كان بيت أبو سامر وأم سامر الشعّار. أولاد أبو فداء الأربعة خارج الوطن. أولاد أبو ابراهيم الشعار موزعون بين الضيعة، وبيورت، وخارج الوطن. أولاد أبو وسيم الشعار خارج الوطن. وحده صهرنا موسى المقدسي، في الحارة، مع أولاده الثلاثة. فإذا صاروا في المرحلة الجامعية، صاروا خارج الضيعة.

نحن ضيعة تهرم. فعلى ماذا نتقاتل؟

وهذه الضيعة الرائعة، موجودة في جمهورية بلا رئيس، والقانون فيها استنساب، ومحكمتها سلحفاة، والدول في الجوار تحترق، ألا يدفعنا كل هذا الخراب العام إلى مزيد من التعاون، مع بعضنا؟ بدل أن نكون كلنا كتفاً لكلنا، يكون نصفنا خنجراً في ظهر نصفنا؟

نريد أن نعيش سعيدين، نحن وأولادنا في ضيعتنا، بدون عصبيات جاهلية، حمقاء، واهمة، تقسّم الضيعة أفخاذاً، وأجباباً، وتحرّض نصفها على نصفها الآخر.

سابعاً: ما المبادئ التي على أساسها يمكن أن نشارك في الانتخابات البلدية؟ ويمكن أن يكون لنا فيها صوت عاقل، لا أصوات في صندوق؟

أولاً. نحن عائلة، كباقي العائلات الأخرى، في ضيعتنا، يسري دمنا، ودم كل العائلات الأخرى، في عروقنا وعروق أبنائنا، صبياناً وبناتاً، وفي عروق أبنائهم: صبياناً وبناتاً.

ثانياً. نحن عائلة نحمل كنية الشعار، وليس لنا مصلحة، لا نحن ولا أبناؤنا، تختلف مع مصلحة أية عائلة، أو فرد، في عندقت. فكل العندقتيين أهل. والكل أقاربنا. وكلهم أعمامنا. وكلهم أخوالنا. وكلهم أجدادنا. وكلهم اصهرتنا. وكلهم عدلائنا. وكلهم جيراننا.

ثالثاً. بما أنه لا مصالح لنا، خاصة بنا، لذلك ليس عندنا، ولا عند غيرنا، عصبيّة تدافع عن مصالح ما. ولا نريد أن تكون عندنا عصبية جاهلية. ونفتخر أنه لا عصبيّة عندنا.

رابعاً. نحن نحبّ بعضنا بعضاً، دون أن نكره أحداً في الضيعة. الضيعة أهلنا. أفنكره أهلنا؟

خامساً. العمل البلدي عمل تطوعي. هكذا نفهمه. وهكذا نتعامل معه. ونشكر كل من يتطوع لخدمة الناس. ولا نريد أن نختلف مع الناس لخدمتها. ولا أن يتقاتل الناس، بحق، ليخدموا بعضهم.

سادساً. لما كانت مصلحة أهل ضيعتنا واحدة، لا نقبل، ولا نريد، ولا يشرفنا، أن ندخل في حلف مع نصف عائلاتها ضد نصفها الآخر.

سابعاً. العمل البلدي تطوع واختصاص. عيب، ومضرة لنا أن يقبل غير اختصاصي منا، أن يتطوع لخدمة الناس، في المجلس. عندقت، زاد فيها عدد المتعلمين عن ألف، ونحن نبحث بين الحطام عن عضو بلدي. ألا نستحي؟ لماذا أولادنا نعلّمهم إذاً؟ هم مهندسون، وأطباء، ومحامون... خارج المجلس البلدي، ونحن أعضاء فيه؟ تريدون عضواً فاعلاً، يدير سياسة الضيعة الداخلية والخارجية، ويتصرّف بـ 400 – 500 مليون، كل سنة؟ أم تريدون اصبعاً مرفوعاً في المجلس؟ نريده عضواً في المجلس البلدي، أم نريده عضو رئيس المجلس البلدي؟

ثامناً. لا يهمّ إن تمثلنا في المجلس البلدي، أم لا. المهم أن يكون عندنا نظرة لضيعتنا تأخذ بعين الاعتبار واقعها، وتطلعات كل أهلها، وندعو الجميع، على أساس هذه النظرة البرنامج، إلى التحاور، إلى نقاش الأهل. وعلى أساس القواسم المشتركة لأكثر من برنامج، نبحث عن الأشخاص المؤهلين، لخدمتنا، كل في اختصاصه. يجب أن نبحث، نحن، عنهم. ونرجوهم أن يخدمونا.

يكفينا صراع عصبيات جاهلية، وجاهلة. يكفينا خصومات سخيفة تفرّق بين الأهل. يكفينا أن نكون ساحة يتصارع فيها 4 – 5 ديوك. نحن أمل ضيعة. وكل أهل عندقت أهلنا. لماذا لا نعيش كلنا سعيدين؟

يا ضنى، ايها الحزبيون، الشيوعيون، السوريون القوميون الاجتماعيون، البعثيون، الكتائبيون، القواتيون، وأبناء التيار الوطني الحر.

حين نتحدث إليكم، يا ضنى، نتحدّث إلى أنفسنا. أنتم نحن، ونحن أنتم، مع فرق الأعمار.

نحن أهلكم، وإخوتكم، وأنتم أهلنا وإخوتنا، ونحبّكم ونفخر بكم. فأنتم أفضل ما وصل إليه العمل التطوعي لخدمة الناس. وكلما وردت كلمة أنتم، في هذا النصّ، تعني: نحن، وأنتم.

يا ضنى، ما العمل الحزبي؟ ما الأحزاب؟

العمل الحزبي هو عمل مجموعة متطوعة، تسعى لخدمة قضية، أو قضايا محدّدة، وتضع الخطط التنفيذية المناسبة، لتحقيق أهدافها، بعد دراسة واقعها بدقة وموضوعية، ضمن إطار القوانين اللبنانية. ويحكم عملها نظام داخلي. وهي تجتمع دورياً، شهرياً، سنوياً – لمناقشة سير الخطط، ولتقويم تجربتها ونقدها.

هذا هو العمل الحزبي.

لنناقش، يا ضنى، هذا المضمون للعمل الحزبي.

أولاً: هو مجموعة متطوعة لخدمة الآخرين. وفي هذا، لكم فضل كبير، لأن الناس تكاد تفقد حسها التطوعي التعاوني. كلنا، تقريباً، على قاعدة: من بعد حماري ما ينبت حشيش".

ثانياً: هو مجموعة تخدم قضية محددة بعمق، ووضوح، وبعد دراسة عميقة لواقعها، تضع الخطط التنفيذية الملائمة. وهي تراجع خططها، دورياً، وتقوّمها على ضوء التجربة، فتصححها، وتعدّلها، بما يتناسب مع كل مرحلة. فالأهداف إذا بقيت ذاتها، مع مرور الوقت، يعني أنها لا تتحقق.

ثالثاً: هو مجموع يعمل في إطار القوانين اللبنانية، بعلنيّة، وشفافيّة، فيخاطب الناس الذين يريد أن يخدمهم، دورياً ويعود إليهم، في كل مرحلة، يسألهم رأيهم في عمله، ويطلب عونهم. فالأحزاب ليست جمعيات سريّة تخدم مصالح أفرادها، فقط.

يا ضنى، تعالوا نرى كم ينطبق، ما هو على الورق، على واقع العمل الحزبيّ، في عندقت.

لكم فضل أول لأنكم متطوعون. وفضل ثان لأنكم تجاوزتم عصبياتكم العائلية، الجاهلية، إلى عصبيات سياسيّة، أوسع، لها مناصرون على امتداد الوطن.

لنتناقش الآن بمحبّة. ما هي القضية التي تسعون لخدمتها، في عندقت؟ والسؤال لكل الحزبيين.

على صعيد المركز – بيروت – وهنا، أتوجّه، خاصةً، إلى أبناء الكتائب، والقوات، والتيار الوطني الحر – لغلبة الطابع المسيحي على محازبيها – هناك، شبه اتفاق على عناوين عريضة، تشكل قضية مشتركة للجميع:

1- الدولة السيدة الحرة،

2- الدفاع عن الوجود المسيحي، وعن حصة المسيحيين في قطاعات الدولة كلها،

3- الدفاع عن حق المغتربين بجنسيتهم اللبنانية،

4- احتضان مسيحيي الشرق،

5- النأي بالنفس عن حرائق الجوار،

6- انتظام عمل المؤسسات، والقوانين، وإصلاحها، وتغييرها، بما يتناسب مع تطلعات اللبنانيين.

يا ضنى، هذه، تقريباً، قضايا الأحزاب – ذات الغلبة المسيحية في أفرادها – والمؤثرة عندنا، في عندقت.

هذه القضايا تهم الوطن كله. ولكن، نحن، وأنتم، لبنانيّون، وعندقتيون، أيضاً. في عندقت، لسنا مسؤولين عن إعادة تجنيس المغتربين، ولسنا مسؤولين عن احتضان مسيحيي الشرق، ولا عن موضوع المناصفة، في القطاع العام.

عندنا، في عندقت، واقع آخر، محدّد، قضاياه تختلف عن قضايا الوطن، وإن اندرجت تحت عناوينه الكبيرة. وهذا ما لم نفعله بعد. ما هو الواقع العندقتي، الذي تريدون، ونريد كلنا، خدمته؟

1- نحن قرية مسيحية، مارونية، بعيدة عن العاصمة، في دولة بلا رئيس، وقانون بلا سند. والراعي الله.

2- نحن في جوار مسيحي، وسنيّ شيعي، نعيش فيه بانسجام رغم أن الوطن يشهد اصطفافاً طائفياً متعاظماً.

3- نحن، ضيعة تملك أوسع مساحات أرض، كانت تزرع كلها، بما فيها جلول من أحراجها. وهي اليوم متروكة لمن عنده همة على العمل. وهي تباع لكثير من "الشاطرين"، بهمّة بعض "الشاطرين"، وغفلة الجميع. – لا بدّ من دراسة مخصصة لهذا الموضوع، وسنقوم بها، إن شاء الله –

4- نحن، ضيعة، نملك أجمل ثروة حرجية، في لبنان، تحرقها "الملائكة" كل عدة سنوات. ونملك أوسع مشاع، ينتقل بعضه لصالح بعض "الشاطرين" بهمة بعض "الشاطرين"، وغفلة الجميع.

5- ونحن ضيعة، الناس فيها، كلهم، أقارب، وأهل. بينما يصرّ البعض على عصبيات جاهلية تجمع صبيانهم فقط، وتبقي بناتهم خارجاً. وعندنا عائلات كبيرة، تتقاتل على ركوب الفرس – البلدي، والاختياري – تعتمد على عددها، بلا برامج ولا خطط.

وعندنا، عائلات متوسطة العدد، تأتلف مع نصف العائلات الكبيرة، ضد نصفها الآخر، لتحصل على مقعد، ليس وراء فارس العائلة الكبيرة، لأن ظهر الفرس لا يحمل إلاّ "قائدين" اثنين "جديرين" من عائلتين كبيرتين، عادة؛ قائد على اللجام، ومعاون قائد، وراءه.

وعندنا عائلات صغيرة، لا يحق لها حتى السير في الركب. أبناؤها يتفرّجون فقط، ويفرحون لعريس الزين، ويهنئون.

وهكذا يتحوّل العمل البلدي، والاختياري، من خدمة تطوعية، إلى صراع، ونزاع، وكيد. وكل ست سنوات يتجدّد النكد، والزعل، ولو اختلفت الأحلاف، وتغيّر الفارس. لا نتغيّر نحن، صراع بين الأهل ننقله من جيل إلى جيل.

6- ونحن ضيعة تشكل مجلسها البلدي الأول، عام 1956، من: حسن مسعود، مطانيوس البيطار، ساسين أبو رعد، وسليم الياس حنا. وتشكّل مجلسها الثاني 1962، من عارف البيطار، كامل الدرزي، مطانيوس يعقوب، سليم الياس حنا، ساسين أبو رعد، مطانيوس نعمه، تادروس الراعين مالك الشعار، بربر عماد وإبراهيم عيسى.

هؤلاء كانوا معروفين، في الضيعة، وكل الجيرة. كانوا أوادم عندقت، وعقلاؤها.

وخلال 18 سنة تشكل المجلس البلدي من ناس، أهم صفاتهم: الأودمية والدروشة.

7- نحن ضيعة فيها مؤسسات عديدة للعمل التطوعي بالإضافة إلى البلدية: لجنة بناء الكنيسة، لجنة الوقف، جمعية الحفاظ وتنمية الثروة الحرجية، التعاونية الزراعية، جمعية مار منصور. ومع ذلك، لا تتنافس العائلات، ولا ترغب في الخدمة الاجتماعية المجانية، إلا في المجلس البلدي، والمختارية.

8- نحن ضيعة يتوزع رزق الناس فيها بين القطاع العام والقطاع الخاص. وهناك حوالي 80 مؤسسة خاصة يعتاش منها أهلنا في عندقت. بالإضافة لبعض المؤسسات لغير العندقتيين.

9- نحن ضيعة، لم تطرح مجالسها البلدية الثلاثة، الهمّ التنموي، الذي يجيب على سؤال كيف نبقى هنا، نرتزق ونعيش، ويبقى أيضاً بعض أبنائنا. ولذلك غاب، ولا يزال، عن كل المجالس البلدية مفهوم الجيرة الاقتصادي، مفهوم السوق.

10- نحن ضيعة تضمحل تدريجياً. كلما كبر الأبناء رحلوا، فلا تتجدد الأجيال كما كانت، في الماضي.

11- نحن ضيعة، كان لنا دور في الجيرة، ثقافي، اجتماعي، سياسي، واقتصادي، لم يبق منه إلاّ الجانب الاقتصادي.

يا ضنى، أيها الأعزاء في التيار الوطني،

صحيح أن تجربتكم الحزبية حديثة السن، وعمركم النضالي أطول، لكن هذا يلزمنا كلنا أن ننقد تجربتكم في إدارة الضيعة، بمحبة أكثر، وبعمق أكثر، لأنكم أهلنا، ولأن عندقت ضيعة أولادكم وأولادنا.

لا شك أن ظروف تطوعكم في إدارة الضيعة، كانت صعبة، لأن مستحقاتنا المالية بقيت محجوزة، بمعظمها عند الدولة. والمشاريع لا تقوم بالتمنيات.

ومع ذلك أنجزتم الكثير: طرقات جديدة، وحيطان دعم، وتوسيع طرقات، وشبكة إضاءة على الطاقة الشمسية، وإكمال شبكة الصرف الصحي، ومشروع بئر الماء في عودين وخزانات المياه الرائعة مع تجديد شبكة مياه الشفة، (ألا تعتقدون أنه من المناسب والضروري تكريم هذا الآدمي – مطانيوس غصن -  الذي وهب الضيعة 300 مليون ليرة؟؟)... وغيرها من مشاريع كلّفت جهداً، ومراجعات مستمرة في دوائر الدولة، وحضور اجتماعات اسبوعية، وهذه وحدها تكفي لشكركم، ولشكر جميع أعضاء المجلس البلدي، وخاصة رئيسه، عمر مسعود، ونائب الرئيس المواظب الدائم في المجلس، مروان جريج.

وقد تكون من أجمل الهدايا التي قدّمها المجلس للضيعة، شراءه لمبنى البلدية. وإذا كانت هناك مشاريع لم اذكرها، فقد يكون لعدم اطلاعي أنا، عليها، ولذلك أعتذر عن هكذا تقصير.

هل تطورت أعمال المجلس البلدي، بوجود التيار الوطني الحر في إدارته؟ لنرَ بمحبة الأمر، حتى لا تتكرر الأخطاء، لأن نجاحكم يفيدنا كلنا، وفشلكم يضرّنا كلنا.

 

بعض الملاحظات على أداء المجلس البلدي:

1- تشكل هذا المجلس البلدي، بقيادة التيار الوطني الحر، كما تشكلت المجالس قبله: صراع عائلات أضفتم إليه الوجود الحزبي. مع فرق كبير أن المجلسين اللذين تشكلا قبل العام 62، ضما أعضاء لهم وزنهم وهيبتهم ومكانتهم الاجتماعية في الضيعة والجيرة. كانوا مراجع لأهل ضيعتنا، بينما صفتا كل أعضاء المجالس البلدية، الأودمية والدروشة، ليستا كافيتين لتؤهل صاحبها لإدارة مصالح 4000 مواطن.

فلماذا ارتضيتم ذلك، يا ضنى؟

2- تشكل مجلسكم الحالي، بقيادتكم، من 4 من آل الخوري، من اصل خمسة عشر عضواً. لماذا يا ضنى أربعة أعضاء من بيت الخوري، في مجلس واحد بينما هناك عشرون عائلة في الضيعة، لم تتمثل ولا حتى بعضو واحد كلها. ما هذه الكفاءات الاستثنائية، التي يتمتع بها هؤلاء الأربعة، ولا يتمتع بها غيرهم. ألمجرد كونهم من عائلة كبيرة، بكفي؟

لماذا، يا ضنى، أيها الأعزاء في التيار الوطني الحر، تفتخرون أنكم، في حزبكم تصرّون على أوسع تمثيل للقاعدة الحزبية، وعلى أفضل تمثيل، وفي عندقت تصرّون على أربعة، من عائلة واحدة؟ وقد أثبتت ممارستهم الطيبة، أنّهم أوادم ودراويش. أنا لا أقول أنهم لم يشتغلوا، ولم يحضروا الاجتماعات، ولم ينفذوا ما كلفوا به، بكل اخلاص وأمانة، ولهم ألف شكر، وهم ابناؤنا. ولكن، يبقى السؤال: ألم يكن هناك في العائلات الأخرى أوادم ودراويش، يمكن أن يوازوهم في الاخلاص والتضحية؟ لماذا إذاً يا ضنى؟

3- رغم إخلاص أعضاء المجلس البلدي الحالين ونشاطهم، ومواظبتهم على الحضور والعمل، بقي رئيس المجلس هو الأساس، كما كان جوزف موسى، وجان الخوري. وإذا كان الرئيس يُشكر على نشاطه وتفانيه ووقته، وجهده، غير أن نشاط الأعضاء الثلاثة عشر الآخرين، يدفعنا للتساؤل إذا كان هناك، فعلاً، حاجة لوجود مجلس من 15 عضواً، ولكل هذه الانتخابات الصاخبة.

يا ضنى، ألم تشكل مجالس لمساعدة رئيس الحزب، في إدارة الحزب. وشكلتموها من أفضلكم؟ أتقبلون أن يختصر رئيس الحزب دور المجلس السياسي أو غيره من المجالس؟

لماذا يا ضنى، إذاً ترتضون ذلك في إدارة ضيعتنا؟

4- هل تحسنت العلاقات الاجتماعية بين عائلات عندقت زمن إدارتكم للمجلس البلدي؟

لا تزال العائلات، تتحالف وتتخاصم على قاعدة عصبيات وهمية. وتترك الخصومات أحزاناً عميقة، في وجدان أهل ضيعتنا، تستمر ست سنوات، وتتجدّد مع كل انتخابات.

واليوم، مع الانتخابات، عادت الناس لتنقسم عائلات متناحرة، فكيف، يا ضنى، تدّعون الدفاع عن مصالح المسيحيين كلهم، وأنتم في عندقت، تتحالفون مع نصف الناس، ضد نصف الناس؟ أيكون نصفكم أكثر مسيحية من النصف الآخر؟ وماذا حقق حزبكم من إنتصاره على نصف العندقتيين، حزبيين وغير حزبيين؟ المطلوب أن نتوحّد ونخدم بعضنا، أم المطلوب أن ننقسم، يا ضنى، في هذه الظروف الصعبة؟

5- تسعون في حزبكم ليكون مؤسسة ببرامج، تدرسونها، تراجعونها، تناقشونها مع قواعدكم، كل سنة، سنتين، ثلاث، تنتقدون تجربة من سبقكم من الأحزاب، تعتمدون اختصاصيين، في كل مجال.

 ما كانت برامجكم، يا ضنى لعندقت. تتصورون، في أدبياتكم لبنان بعد عشر، عشرين سنة، فما هو تصوركم لعندقت بعد عشر، عشرين سنة؟ هل كان عندكم برنامج حزبي، يدرس حاجات الضيعة، وعرضتموه على الأحزاب المسيحية الأخرى ولم تستطيعوا أن تتوصلوا إلى قواسم مشتركة؟ هل معقول أن برامجكم وبرامج القوات اللبنانية، كانت متعارضة، في دراستها للواقع العندقتي، لدرجة أنكم ما استطعتم تشكيل لائحة واحدة توافقية، تخدم كل المسيحيين، في عندقت؟ وما كانت نقاط الخلاف؟ وهل ستترشحون كحزب لإدارة الشأن البلدي، في عندقت؟ فإذا كنتم ستتطوعون من جديد للخدمة، فأين نقدكم الموضوعي لتجربتكم في ست سنوات؟ وما هو البرنامج الذي يدرس حاجاتنا، وعلى أساسه تطلبون ثقتنا؟ أليس نحن من تريدون خدمته؟ هاتوا أسمعونا دراستكم لمصلحتنا وهل ستكررون تجربة المجلس الحالي: أوادم ودراويش، مع أربعة أعضاء، أيضاً، أوادم ودراويش من عائلة واحدة، وترك عشرين عائلة من دون تمثيل؟ أم ستترشحون على أساس برنامج حزبي واضح، يبحث عن الأكفاء بين أهل الضيعة لتنفيذه؟

6- اختلف مجلسكم، يا ضنى، مع جمعية الحفاظ على الثروة الحرجية. ورفعتم دعوى بحقهم، أمام المحاكم اللبنانية. هل يوافق حزبكم على ذلك؟ وما سبب الخلاف؟ وما الضرر الذي سبّبوه حتى يستوجب ذلك دعاوى أمام القضاء؟ ولماذا لم تعرضوا الخلاف على مؤسسات الضيعة الأخرى، على الناس في الضيعة، قبل أن تصلوا إلى المحاكم؟ هل خسرنا أم ربحنا كضيعة؟ وهل ربح حزبكم؟ كيف يمكن أن يقبل أي عندقتي أن حزباً يريد تغييراً وإصلاحاً، ويرفع صوته عالياً، في كل مناسبة للدفاع عن مصالح المسيحيين، وغيرهم، أن يرفع دعوى قضائية على مجموعة متطوعين مسيحيين، بنوا صرحاً بيئياً، كلف مئات الملايين، بهمتهم، ونشاطهم، ولن يستطيعوا نقل حجارته معهم إلى القبر.

واليوم، بعد أن صار الخلاف على طريق الحل، هل ستكرّرون التجربة، مع غيرها من الجمعيات التطوعية في عندقت؟ وإذا كانت ستحل القضية قريباً، بالتفاهم، فلماذا لم نتفاهم من قبل؟ وهل لانتصار العندقتي على العندقتي فائدة لأحد؟

7- الضيعة يتوزع رزقها، يا ضنى، بين القطاع العام وبين القطاع الخاص. جماعة القطاع العام أصحاب معاشات شهرية، وجماعة القطاع الخاص أصحاب مبادرات.

هناك، أيها الأعزاء، في التيار الوطني الحر، حوالي 80 مؤسسة خاصة في عندقت. وهذا رقم عظيم. ويتراوح رأسمال كل منها بين عدة ملايين، مع آسيا الخوري، وعدة مليارات مع الأخوة القاضي.

هذا بالإضافة لوجود مؤسسات لغير العندقتيين، في عندقت، كمثل هذه السوبر ماركت الرائعة لجورج خوري في أول الضيعة، ومثل هذا المجمع الرائع لآل برهون من شدرا، وهذه المحطة الذائعة الصيت لإيلي حاكمة.

نحبّ أن نسألكم، يا ضنى، ما هو جوابكم على سؤال: كيف نبقى هنا، نحن وبعض أولادنا؟

أنا بتواضع، أعتقد أن الجواب بسيط: خلق فرص العمل، بتشجيع الاستثمار المحلي وغير المحلي، في عندقت، وتوسيع السوق المحلية، بحيث تخدم هذه المؤسسات الخاصة التي يعتاش منها العندقتيون، كل الجيرة، لأن أعدادنا، نحن، في عندقت، تتناقص، ولا تكفي لتشغيل معمل ألبير رعد، أو مروان خلف، أو محلات القاضي، أو محطة حاكمة، أو مدرسة الراهبات، أو جورج شيبون، أو الياس عبدالله، أو كل آليات العندقتيين الآخرين.

 أعتقد، يا ضنى، أنكم لم تدرسوا موضوع سوق المؤسسات الخاصة العندقتية، ولذلك لم تطرحوا على مجلسكم، ولا على ضيعتكم، المفهوم الاقتصادي للجيرة، ومدى حاجتها إلينا، وحاجتنا إليها. ولو كنتم درستم هذا المفهوم الاقتصادي للجيرة، أعتقد أنه كان يجب أن تفعّلوا دور عندقت في الجيرة، أكثر مما فعلتم.

عندقت، أيها الأعزاء، كان لها دور فاعل، في جيرتنا، ثقافياً، سياسياً، رياضياً، اجتماعياً. واليوم، مع احترامي، لبعض النشاطات الرياضية المنفتحة على جيرتنا، وغيرها، ربما، لم أعرفها، غير أن هذا يبقى أقل بكثير من دورها السابق، وأكيد أقل بما لا يقاس من طموحكم أنتم لضيعتكم. إذا كانت جيرتنا، رئتنا، اقتصادياً، فنحن قلبها، وعقلها. ومزيد من التفاعل معها يغنينا ويغنيها.

8- ملاحظة أخيرة، يا ضنى، أيها الأعزاء، أبناء التيار الوطني الحر، ألا تعتقدون أن التعاونية الزراعية، عندنا، هي مؤسسة تطوعية، وكان لها دور طبيعي، يوم كان فريق عملها كاملاً ونشيطاً؟ هي اليوم تنازع وتموت، ألا تعتقدون أنه من المناسب لكم، ولنا، أن نستفيد من إمكاناتكم، وطموحاتكم، ونعيد تنشيطها، مع كل تقديرنا للأستاذ بربر، الذي يحملها على كتفيه. وباقي المؤسسات التطوعية الأخرى، أيها الأعزاء، لماذا لا تنشطونها بحماسكم واندفاعكم ومتطوعيكم، خاصة وأنكم كثيرو العدد، وإلى مزيد إن شاء الله.

يا ضنى، أيها الأعزاء، في التيار الوطني الحر، أنتم أبناؤنا، وأهلنا، ونحن نحبكم، ونفخر بإنجازاتكم، ونعرف أن أي تقصير منكم ليس مقصوداً. وشكراً لمجلسكم بكل أوادمه ودراويشه. ونأمل أن تقبلوا هذه الملاحظات بحب، وأن نتناقش في صحتها أو خطئها.

في كل الأحوال، آمل أن تفتح هذه الملاحظات أوسع نقاش علني، صريح، راق بين الأهل، ومن لا يعمل لا يخطئ.

يا ضنى، أيها الأعزاء في الأحزاب الأخرى.

أين أنتم؟

أين برامجكم؟ أين نقدكم لتجربة المجلس البلدي الحالي؟ أين أصاب؟ أين أخطأ؟

إن كان أصاب لم لا تشكرونه، وتشكرون التيار الوطني الحر، الذي يقوده.

وإن كان أخطأ فلماذا لا تنصحونه؟ ألا تعيشون بيننا؟ ألن تتأثروا سلباً أو إيجاباً، أنتم وأولادكم، بأعماله؟

لما أنتم صامتون؟

تعالوا إلى أوسع نقاش، حول مصالحنا.

***************

 

 

يا ضنى، أبناء ضيعتنا: جوزف الخوري، مروان بيطار، عمر مسعود، وفؤاد منصور (المرشّحون المحتملون لرئاسة المجلس البلدي).

 

من أنتم؟

أنتم مجموعة عصاميين بلغتم قمة ما يحلم به كل إنسان، في مهنته. لنرفع الكلمة بيننا، ولنتحدث كأولاد ضيعة.

أنت يا جوزف، لست معلماً، مقاولاً، كبيراً، فقط. أنت فعلاً فنان، ولو تعرف الناس ما أنجزته، لن تصدّق.

وأنت، يا مروان، بلغت أعلى ما يمكن أن يحلم به عسكري. بينك وبين قيادة الجيش، كان هناك قفزة دوري.

وأنت، يا فؤاد، بقيت أميناً لواجبك المهني، بنقاء وتفانٍ نادرين.

وأنت، يا عمر، كل الناس تشهد على مساعدتك لهم، وعلى نجاحك في عملك.

 

من أنتم بالنسبة لي؟

دمك، يا جوزف يجري في عروق أبنائي، فأنت فيَّ.

وأنت، يا مروان، جار طيّب، ابن جار طيّب لنا في جيرتكم، أكثر من مئة سنة. اختلفنا بيننا، ولم نختلف معكم.

وأنت، يا فؤاد، صديق، جبل، بوجه واحد، بلا أقنعة، وتشرّفني صداقتك.

وأنت، يا عمر، جار طيب، ابن جيران طيبين، كنا مع أبيك رفقاء درب، ويشرّفني أن تكون أنت وأبنائي رفقاء عمر.

 

أنتم وعائلاتكم الكبيرة الممتدة.

إن ما حققتموه في حياتكم، يا ضنى، يعود الفضل فيه، كله، لكم، ولتعبكم. ولا فضل لعائلاتكم الكبيرة، في إنجازات حياتكم، لا من بعيد، ولا من قريب. لم تبنِ عائلاتكم بيوتكم، ولا علّمت أولادكم، ولا أكسبتكم سمعتكم الحالية.

 

ماذا تمثلون، اليوم، في عائلاتكم، وفي الضيعة؟

أنتم، مجتمعين، أربعتكم، خير ما أنتجته عائلاتكم، وضيعتنا، على صعيد العمل الاجتماعي التطوعي. ما عاد المتطوعون للخدمة العامة كثراً. أغلبنا يلزم بيته، لتحترق كل أحراجنا. المهم ألا تحترق شجراتي أنتم، تنـزلون إلى ساحة العمل التطوعي، وترفعون علم الخدمة العامة – بصرف النظر، عن اختلاط طموحاتكم الشخصية بالشأن العام -.

لماذا هذا الحديث، الآن؟ لأن هناك، في ضيعتنا، "عجقة"، تتجدد كل ست سنوات، يسمّيها القانون: انتخابات بلدية واختيارية، بشكل ديمقراطيّ.

لا بدّ، أولاً، من توضيح معاني الكلمات، نحن مقبلون على "انتخاب" مجلس بلدي، يدير الشأن العام العندقتي، تطوعاً، وبقوانين، وبأموال اللبنانيين. ولتعقّد الشأن العام، لحظ القانون مجلساً من عدد من الأعضاء، عندنا صاروا 15 عضواً. وهذه يسمّيها القانون: إدارة شؤون الشعب بممثلي الشعب.

غير أن هذا القانون الجميل، وصل إلينا، مترجماً تجربة شعوب أوروبية، سبقتنا بالممارسة الديمقراطية ثلاثمئة سنة، وهم الآن، حين ينتخبون مجالس، ينتخبون كأفراد، يعبّرون عن مصالحهم كأفراد، وليس كعائلات. لذلك يجدّدون الثقة بممثليهم، أو يستبدلونهم، بحسب مصالحهم الحقيقية. ولهذا ينتظم المرشحون، في لوائح، لها برامج، واقعية، وتعبّر عن مصالح حقيقية، لفئات محددة، والناس، حين تنتخب مجلساً ما، لا تنتخب ديكاً للمجلس، يدور حوله صيصان مبهورون بعزمه. وحين ينتخبون، يعودون إلى بيوتهم، إلى جيرانهم، إلى حاراتهم، إلى أفراحهم.

هذه هي انتخاباتهم. وهذه ديمقراطيتهم المتجدّدة، التي تقوم على المتابعة، والمساءلة، والمحاسبة.

عندنا، عمّا نتكلم؟ ولماذا هذه العجقة؟

عندنا عائلات. ممنوع أن نكون أفراداً. ويل لمن خرج عن إجماع عائلته. كل عائلة – الكبيرة على الأقل – تدّعي أن لها مصالح أساسية. وهي لذلك تخلق عصبيّة متوهمة، على قاعدة قرابة دم، يجري في عروق الصبيان، فقط، لتدافع عن هذه المصالح. لكنّ، هذه العائلات لم تحدّد يوماً "مصالحها"، في إعلان شفهي، أو خطي، لنعرف، كلنا، من يعتدي على مصالح العائلة.

ولما كانت مصالح العائلات وهم، وعصبياتها كذب لئيم، واستنفار سخيف، يرفع أصحاب الرؤوس الحامية، في كل عائلة كبيرة – خاصة -  علماً يكتبون عليه كلمات لا معنى لها، ولا يفهمها عاقل، مثل: عزة العائلة، وشرف العائلة، وكرامة العائلة، وغيرها من كلمات عصفورية، مهما دققنا فيها، لن نعرف، فعلاً، ما هي المصالح الحقيقية لهؤلاء الحامية رؤوسهم.

بكل محبة، أقول، لا مصالح حقيقية لأية عائلة تختلف عن مصالح باقي العائلات. مصالح العائلات الكبيرة – خاصة – يمكن اختصارها بجملة واحدة: نحن وحدنا جديرون بركب فرس الضيعة، وأنتم، الباقون، كلكم، مشاة، حول فارسنا، وخلفه.

يا ضنى، أيها الأعزاء الأربعة، المرشّحون لرئاسة المجلس البلدي،

إنني، إذ أتوجه إليكم، أتوجّه خاصة إلى عقلكم الخمسيني – الستيني. ما عدنا أغراراً. تعالوا لنتحدث بمصالحنا، ومصالح أولادنا الحقيقية، قبل مصالح الآخرين الحقيقية.

 

في أية ظروف سياسية تحدث الانتخابات؟

هي في ظروف حيث الوطن بلا رئيس جمهورية، ومجلس النواب في شبه عطلة، والحكومة عرجاء في اجتماعاتها، حيث أن أكوام الزبالة دخلت كتاب "غينيس". وحده الجيش، والمؤسسات الأمنية الأخرى، صامد وحامي الكل، والحمد لله.

وهذا يفترض أن يدعونا للتفكير بعمق أكثر، في قضايانا.

 

ما هي الظروف الاقتصادية، الاجتماعية، السكانية، الآن، في عندقت؟

سنعيد التذكير بها، ولو كرّرنا.

- نحن مجتمع مسيحي ماروني متجانس، في أبعد محافظة، نعيش وسط جيرة متعددة الطوائف، نعيش بينها بانسجام لم يتعكّر، حتى زمن انهيار الدولة سنة 58، وسنوات 75 – 90، إلاّ لأسباب خارجة عن إرادتنا، وعن إرادة الجيرة. وكبارنا، كلهم، يعرفون ذلك.

- نحن ضيعة تنوس، وتضمحل. وهذا واضح وبيّن. أولادكم أنتم الأربعة، خارج عندقت يرتزقون، وخارج الوطن أيضاً. لذلك لا نتجدّد بأجيال شابة، تعيش بعدنا. كلما كبر أولادنا، بقينا وحدنا، وقد نلحقهم إلى المدينة.

- نحن ضيعة فيها قطاعان للرزق: عام، وخاص. والقطاع الخاص، هو الذي يبقينا في عندقت، وهو اقتصاد الضيعة، ومستقبلها.

- نحن ضيعة، لا نعرف قيمة الجيرة اقتصادياً، رغم أن سوقنا المحلي يضيق يوماً بعد يوم، لقلة عددنا.

- نحن ضيعة كان لها دور، في الجيرة، وتلاشى اليوم.

- نحن ضيعة فيها مؤسسات عمل تطوعي، غير البلدية، والمختارية: هناك التعاونية الزراعية، ولجنة الوقف، ولجنة بناء الكنيسة، ولجنة المؤاساة، وجمعية الحفاظ وتنمية الثروة الحرجية. نهمل كل المؤسسات التطوعية، ونحصر صراعنا بالبلدية والمختارية.

- نحن ضيعة، فيها كل الأحزاب المسيحية/ التيار الوطني الحر، القوات اللبنانية، الكتائب. وحتى اليوم، لم تجد هذه الأحزاب قواسم مشتركة تتفق عليها، لتخدم المسيحيين في الأطراف.

- نحن ضيعة أدار فيها التيار الوطني الحر المجلس البلدي، على القاعدة القديمة: ديك وصيصان، مع كل محبتنا لأعضائه، وتقديرنا الكبير لما أنجز فريق عمله في المجلس، وخاصة رئيس المجلس.

- نحن ضيعة، لا يهمها أن تعرف ما كانت توجهات المجلس البلدي، أولوياته، برامج لجانه، طريق إنفاقه. لا نسأل، ولا نحاسب، لأننا لا نراقب.

- نحن أجمل ضيعة، بأجمل طبيعة، بأبشع عصبيات عائلية، لأن هذه العصبيات العائلية، لا تستحي أن يكون الجد ضد أحفاده، في معاركها، الخال ضد أبناء أخته، الأم ضد أهلها، الصهر ضد عمه، الجار ضد جاره. يقول المثل: "ما أغلى من الولد إلاّ ولد الولد". العائلات بعصبياتها تقول: "ما أغلى من الولد إلاّ ولد الصبي". أما أولاد البنت فليسوا منّا.

والله العظيم، أنا لا أفهم كيف يمكن أن أكون ضد أولاد بنتي سمر، ريان ونور، إذا كان أبوها من بيت فخر، وهما نور عينيّ. لا افهم، كيف لا يقول كل صهر، مثلما أقول أنا: بيت عمي سامي الخوري، أهلي، كأهلي بيت عبدالله الشعار. أي توحش عائليّ هذا الذي يستعدي سامر على جده أبو جان، وسمر على جدتها أم جان، وأنيس على كل أخواله وخالاته وأهلهم؟

- نحن ضيعة لم نسأل السؤال الصحيح، الفعلي، الحقيقي الوحيد: كيف نبقى هنا، ولا نرحل. وكيف يمكن لبعض أبنائنا أن يرزقوا هنا، ليبقوا. هذا هو السؤال الأساس، فإذا لم نبدأ الأسئلة الصحيحة، فلا أجوبة صحيحة.

- نحن ضيعة، أخيراً، لا ننقد تجربتنا، لا على مدى 18 سنة، ولا على مدى 180 سنة. لذلك سيبدو النقد انتقاصاً من كرامة ما، أو عدم تقدير للمجهود الذي بُذل. وليس هذا هو المقصود.

يا ضنى، أيها الأعزاء الأربعة.

أنتم سبب دائنا، وأنتم وحدكم دواؤنا. متنافسين، أنتم داؤنا، متعاونين أنتم دواؤنا. أنتم، نريدكم أن تكونوا أهل العقل في عائلاتكم.

أيها الأعزاء

إن النقطة الأساس التي يجب أن نثار هي: كيف نبقى هنا؟ وكيف يمكن لبعض أولادنا أن يجدوا عملاً بعلمهم، هنا، ويبقون معنا؟ تطرح الكنيسة هذا السؤال؟ وكذلك الأحزاب المسيحية كلها. والدولة يهمها أن يبقى أهل الريف في قراهم يعيشون. ومع ذلك، لم نطرح على أنفسنا هذا السؤال. ولذلك نتلهى بولدنات انتخابية يربح فيها حفيد على جدّه.

شرطان يبقياننا هنا، في عندقت: الأول أن تزدهر أعمالنا هنا. والثاني أن نعيش بأمان وسعادة داخل الضيعة، ومع الجيرة. ولما كان قسم من العندقتيين يقبضون معاشاتهم من القطاع العام، أي الدولة اللبنانية، لا يهمهم إذا ازدهرت الأعمال أو لم تزدهر. يقلقون، فقط، في حالة واحدة؛ إذا تأخرت المعاشات لسبب ما.

ولأي سبب، يقطعون الخيط، ويطيرون كالدوري، إلى أي مكان آمن قريب أو بعيد. وحيثما يستقرون ستصلهم معاشاتهم. ولكن القطاع الخاص، لن يستطيع أن يطير كالدوري، فكيف سيطير ألبير رعد بمعمله؟ والاخوة القاضي بمؤسساتهم الضخمة؟ وايلي حاكمة، ولويس ضاهر، والبيطار بمحطاتهم؟ وكرم الركوي بمحلاته؟ وهذه السيدة الرائعة أنطوانيت موسى ضاهر، ماذا ستفعل بفرنها ومخبزها؟ هناك، تقريباً، 80مؤسسة خاصة، بحسب صفحة عندقت، تعمل في عندقت. هذه المؤسسات لا تقبض معاشاتها من وزارة المالية، في بيروت. هي تعتاش وترتزق هنا، في عندقت. وهي التي تبقينا هنا. هي وحدها تبقينا هنا.

ولكن هل سألنا مرة، كم سيارة من عندقت، تشتري بنـزينها من محطة ايلي حاكمة، مثلاً، هذا الأستاذ الرائع في العلاقات العامة، وفي الصدق (ألم يحن الوقت لتكريمه في عندقت بعد أن كرمته شركته، وأعطته جائزتها الثانية). وهل سألنا كم سيارة من الجوار – الممتد من آخر ضيعة في وادي خالد، إلى آخر ضيعة، في جبل أكروم، تشتري البنـزين من عنده؟ النسبة سيارة من عندقت إلى عشرة من الجوار.

والاخوة القاضي، هؤلاء الناس العصاميّون، كم غرفة نوم يبيعون لعندقت، مقابل الجيرة؟ كم تلفزيوناً يبيعون لعندقت وكم تلفزيوناً للجيرة؟ قد تكون النسبة واحداً لعندقت وعشرين للجيرة. ألم يحن الوقت لتمنحهم عندقت ميدالية الجدارة والاستمرار؟ تكرّم راهباتنا في عندقت، معلمات المدرسة بعد 25 سنة على خدمتهن، بميدالية وليرة من ذهب. ألا تعتقدون أن الاخوة القاضي: طوني، وجورج وأولادهما.. يستحقون عقداً من ليرات الذهب؟

والدكتور شعار، هذا الطبيب العبقري، هو شبكة خطوط اتصال مع كل الجيرة. مرضاه من الهرمل إلى وادي خالد. إذ سئل البعض منا من أين أنت: يقول من ضيعة الدكتور شعار. مرضاه من الجيرة، أكثر بمرات من مرضاه، في عندقت. متى نكرّمه هذا العبقري، الحاضر، الجاهز 24 ساعة على 24؟

وكم هم زبائن فرن هذه السيدة النشيطة: أنطوانيت موسى ضاهر، من عندقت؟ وكم هم زبائنها من خارج عندقت؟ أعتقد حان الوقت لمنحها ميدالية المديرة الرائعة.

وكم هم زبائن ألبير رعد من عندقت، وكم زبائنه من خارجها؟ سنتفاجأ يوم سنعرف، إلى أين وصلت حجارته المصقولة. لم نسأل أنفسنا يوماً. كيف يمكن أن تكرم هذه المؤسسة الضخمة وصاحبها.

وكم هم زبائن كرم الركوي من خارج عندقت؟ وهو الذي بدون مؤسسته تصير ساحة عندقت شارعاً خلفياً معتماً. له ولكل المؤسسات الأخرى الاقتصادية في عندقت، لم تقل يوماً كلمة شكراً.

والأخوة مخول: ميلاد، وجورج وتوفيق، هم كاراج تصليح للمنطقة كلها. وهم أساتذة، محترفون، في عملهم، وهم بميدالية وبدون ميدالية يشرفوننا بحرفيتهم.

والأخوة خلف، وكبيرهم مروان. هؤلاء الأخوة، المثابرون، المتواضعون، الشاطرون في مهنهم، رخامهم في بيوت عندقت، وفي بيوت كل الجيرة.

وهذا الطبيب الرائع مازن يوسف، عيادته هيئة أمم، من الصباح ولآخر الليل.

وفرن العكاوي، ومخرطة نعمة، وكاراج نفاع، ومحل شادي أنطون، والأختان شعار، والأختان ضاهر...

يا ضنى أيها الأعزاء الأربعة،

لن تكفي صفحات معدودة للحديث عن 80 مؤسسة، في ضيعتنا، تعتمد علينا، بشكل جزئي، وعلى الجيرة بشكل أساسي. كل الحدادين، كل النجارين، كل الميكانيكيين، كل الكهربجيين، كل محلات الألبسة، والأحذية، كلهم نشطون، رائعون، وإلاّ لما استمروا. (وسأقوم بدراسة خاصة عن كل منهم).

ما أريد أن أوضحه، أن سوقنا العندقتي ضيّق، وسوقنا الفعلي هو الجيرة كلها، من قرحة وحنيدر، إلى أكروم، إلى عيدمون، بيت جعفر الهرمل، الكواشرة، وحلبا...

 

مفهوم جديد للجيرة:

هذا يؤدي بالطبع إلى استنتاج بسيط: هذه الجيرة المتعددة الطوائف، الطيّبة، الرائعة، هي رئتنا، وهي هواؤنا. وإذا شئنا أن نبقى في عندقت، نحن وأولادنا، يجب أن نعيد النظر بمفهوم الجيرة المتعددة الطوائف.

الجيرة هي مفهوم اقتصادي، أولاً، ثم هي بعد ذلك، ومع ذلك، علاقات اجتماعية، وعاطفية، وزيارات ومناسبات.. إذا كنا نحافظ على جيرتنا، وعلى علاقات حسنة معها، لا يعني أننا أقلية تتعامل مع أكثرية. أن نحافظ على علاقاتنا الحسنة مع الجيرة، يعني أن نحافظ على خبزنا، يعني أن نبقى هنا. لذلك أيها الأعزاء الأربعة، من هنا سنبدأ، وليس من مصالح عائلات تتوهّم عصبيات، لتدافع عن مصالح لا أحد ينازع أحداً عليها.

من القطاع الخاص نبدأ. وهذا يلزمنا بإعادة نظر جديّة، في موضوع الانتخابات البلدية كلها. سيكون السؤال الأساس، ما هو الدور التنموي للمجلس البلدي، لخدمة القطاع الخاص الموجود، العندقتي، وغير العندقتي، وكيف نخلق فرص عمل جديدة، ونشجّع على استثمارات جديدة، ربما يراها أبناؤنا مناسبة لطموحاتهم، فيبقى البعض منهم، هنا.

إذا كنا رغم، كل الاصطفاف الطائفي الموجود، في الوطن، نستطيع أن نكون سوق الجيرة، بهمة أفراد في القطاع الخاص، بدون دعم من اية جهة، فكم سيزدهر هذا القطاع إذا شكلنا مجلساً بلدياً باختصاصيين، يدرسون الموارد الموجودة، في ضيعتنا، وإمكانات الاستثمار؟

 

مفهوم جديد للعائلية:

الشرط الثاني لبقائنا هنا: أن نعيش سعيدين، مع بعضنا، ومع جيرتنا. سنعيش سعيدين في حالة واحدة فقط: إذا اعتبرنا أن عندقت هي عائلتنا الكبيرة، التي تحتضن كل عائلاتنا الصغيرة.

عندقت هي عائلتنا الكبيرة، مصالحها هي مصالحنا كلنا. وعائلاتنا الصغيرة، مهما كبر عددها، هي عائلات، إن قامت على قرابة الدم، غير أن مصالحها واحدة، في الماء، والكهرباء، والطرقات، وشبكات الصرف الصحي.

كلنا أهل لكلنا. وكلنا أجداد لأحفادنا. وكلنا أخوال لأولاد عندقت، وأعمام لأبناء عندقت. ولنترك عائلاتنا تحتفل بأول قربانة ابن العم، وبمعمودية ابن العم، وبنجاح ابن العم، وبعرس ابن العم، وتقف في صف عزاء ابن العم.

وأما مصالح العائلات فواحدة.

على هذين الأساسين: 1- عندقت عائلة واحدة. 2- جيرتنا هي رئتنا التي بها يتنفس قطاعنا العندقتي الخاص هواءه، تعالوا نشكل مجلساً بلدياً، وتعالوا نهتم بكل المجالس التطوعية، ولنشكل منها مجلساً مشتركاً دائماً، يتناقش، في كل قضايا الضيعة، دورياً.

يا ضنى، جوزف، مروان، فؤاد، وعمر

الريح تعصف من حولنا، والوطن بلا رئيس، بلا حكومة، بلا مجلس نواب. لم تسرح الذئاب إلاّ متى تراخت مؤسسات الدولة اللبنانية. وهي كما ترونها. قد تأكل الذئاب الفرس، وأنتم تتقاتلون على خيّالها.

أنتم، أيها الأعزاء، صوت العقل التطوعي، في عائلاتكم، وفي الضيعة، تعالوا إلى حوار على أساس مصالح عندقت، عائلتنا الكبيرة، وليس على أساس مصالح وهمية لعائلاتكم.

يشرّفني أن أدعوكم إلى غداء، أنتم، وغيركم من العقلاء، في ضيعتنا، حزبيين وغير حزبيين، لنبحث عن جواب حقيقي، لسؤال حقيقي: "كيف نعيش هنا، مع بعضنا، في عندقت سعيدين، نحن وأولادنا، وبين أجمل وأفضل جيرة من كل الطوائف؟"

ضيعتنا تستحق مجلساً بلدياً يليق بمستقبل أطفالنا، بألف متعلم، بتضحيات الأهل، بكد الأجداد، مجلساً يليق بوادي عودين العظيم.

 

 

نقد تجربة العائلات الكبيرة، في العمل البلدي:

 

يا ضنى، أيها الأهل في العائلات الكبرى (بيت الخوري، بيت فخر، بيت البيطار، بيت الياس، والشواشرة).

أنتم، أيها الأهل، أكثر العائلات عدداً، في عندقت، ومسؤولية صاحب العدد كمسؤولية صاحب العقل.

منذ 1956، والانتخابات البلديّة تتكرر عندنا، أعتقد حان الوقت لننقد بمحبة تجربتكم في العمل البلدي.

من المجلس البلدي الأول، وأنتم تتنازعون فيما بينكم قيادة المجلس البلدي، وتتحالفون مع عائلات ضد عائلات، وتستثيرون عصبيتكم، للدفاع عن مصالحكم.

 

يا ضنى، ما هي مصالحكم كأفراد؟ ما هي مصالحكم كعائلات؟

1- ما هي مصالحكم كأفراد؟

أي فرد، يا ضنى، من عائلتكم الكبيرة هو كأي فرد من العائلات الأخرى، في الضيعة. نتعمّد كلنا في كنيسة واحدة، وفيها نتناول قربانتنا الأولى، نتعلّم، معاً، في مدرسة رسمية أو خاصة، على مقاعد واحدة؛ نلعب كلنا، على بيادرنا، في شوارعنا، في حاراتنا، نشرب من مياه "عودين"كلنا، وقبلها من عيون حاراتنا، يكبر أولادكم ويتعلّمون، كما أولادنا، ثم يتوزعون بين القطاع العام أو القطاع الخاص، أو يسافرون إلى ديار الله الواسعة.

إن تزوّج ابنكم فبإبنتنا. وإن عمّر بيتاً فبيننا، نحن جيرانه. الضيعة، اليوم، صارت تمتدمن أعلى "الشفصيّة" إلى أعلى عودين، إلى مشارف شدرا وعيدمون. إنتهى زمن الحارات الضيّقة المغلقة.

وإن دبك، وفرح، وغنّى، ففي أعراسنا، وإن بكى، ففي أحزاننا نحن، كلنا، أهل ضيعة.

وحين انهارت الدولة، والمؤسسات، والقانون، كما حصل بين أعوام 75 – 90، وحين سرحت ذئاب الفوضى، سهر في متراسه، بيننا، نحن، أهل ضيعته.

وبعد عمر طويل، ستضمّه، وتضمّنا، كلنا، تراب مقبرتنا.

 

2- ما فضل عدد عائلاتكم الكبير على مستقبل كل منكم؟

يا ضنى، من كان منكم، في القطاع العام، وترقّى، فبشطارته، وقد يستفيد، في ذلك، من الفساد، في هذا القطاع.

ومن اشتغل من ابنائكم، في القطاع الخاص، في عندقت من يمنعه من النجاح؟ نحن نمنعه؟ أبداً. أنت أهل عصبيته، تمنعونه. بعددكم الكبير تمنعونه، لأنكم تخوضون، كل ست سنوات، معارك انتخابية ضد العائلات الأخرى، فيها طحن عظام، ودعس رقاب. وطبيعي أن من تخاصمونه، في الانتخابات، يقاطعكم، في الاقتصاد. هذه هي عقليتكم. ولذلك يتجنّب أبناؤكم، أنتم العائلات الكبيرة، الخوض، بحماس، في انتخاباتكم: "يا خيّ، أنا عندي مصلحة بدّي عيش. شو إلي علاقة بحرب داعس والغبراء". ومع ذلك لا يسلم من مقاطعة العائلات الأخرى المنافسة. هكذا تنتقل العائلات من لحّام إلى لحّام، من دكان إلى دكان، وأحياناً من طبيب إلى طبيب.

يا ضنى، إن عائلاتكم الكبيرة لا توزّع بيوتاً على أفرادها. فمن ابتنى بيتاً فبتعبه. ولا توزّع العائلات الكبيرة الغنى على أفرادها. فمن اغتنى منك فبتعبه. ولا توزّع العائلات الكبيرة السعادة على أفرادها، وإلاّ لكانوا كلهم سعداء. وكذلك لا توزع العائلات الكبيرة الفهم والأوادمية على أفرادها. فالعاقل عندكم وعندنا. والأحمق فينا وفيكم.

 

3- ما هي مصالحكم كعائلات كبيرة، وتستثيرون عصبياتكم للدفاع عنها؟

1- أنتم كمجموعات موزّعون في كل حارات الضيعة، بعد توسع الحارات. ومصالحكم هي مصالح جيرانكم، في الحارة، طرقاتكم، وماؤكم، وكهرباؤكم، هي مصالحكم ومصالح جيرانكم.

من يمنع عنكم هواء عندقت؟

من يمنع عنكم مياه عودين؟

من يمنعكم من استثمار أراضيكم؟

من يمنعكم من بناء بيوتكم؟

من يمنعكم من الفرح، والضحك، والرقص، والغناء، وشرب القهوة، وشرب العرق؟

قبل تأسيس أي مجلس بلديّ، من حفر السواقي، في كل أرض مروية؟ أليس أجدادنا وأجدادكم؟ من عمّر المطاحن على أكتاف النهر؟ أليس أجدادنا الذين هم أجدادكم؟ من بنى كنائسنا؟ أليس نحن وأنتم؟ من وقف عام 58 يصد الذئب عن الأطفال؟ أليس رجالنا ورجالكم؟ بين أعوام 75 – 90، من منع ذئاب الفوضى من سبي نسائنا،وهتك أعراضنا، وهدم بيوتنا، وترحيلنا؟ أليس نحن وأنتم؟

لو دخلت ذئاب الفوضى إلى ضيعتنا، هل كانت افترست أبناء العائلات الصغيرة والمتوسطة، فقط؟ أم كانت أكلت لحم الجميع؟

لم تقولوا لنا ما هي مصالحكم التي تختلف عن مصالح الآخرين. إنّ عصبياتكم المتوهّمة، تمنعكم من رؤية توافق مصالحكم مع مصالحنا كلنا.

يا ضنى، أيها الأهل في العائلات الكبيرة، لا مصالح عندكم، خاصة بكم. نقول لكم، بمحبة، أنّ العدد الكبير مسؤولية، كما العقل مسؤولية. فأين العاقلون فيكم، يبحثون عن مصالحكم الحقيقية، التي هي مصالحنا كلنا، في عندقت.

بعد ثمانية عشر عاماً، تعالوا، معاً، ننقد، بمحبة، وتعقّل، تجربة عائلاتكم، في العمل البلدي.

لقد شوهتم مفهوم العمل التطوعي البلدي. فبدل أن تتعاونوا، في المجلس البلدي لخدمتنا، وخدمتكم، تتنافسون، فقط، على رئاسة المجلس البلدي، وقد تناوب على رئاسته ثلاث عائلات منكم: بيت الخوري، بيت البيطار، وبيت فخر.

يا ضنى، أيها الأهل، في بيت فخر. ما هي مصالحكم التي تحققت وأنتم في رئاسة البلدية؟ هل ازدهرت تجارة أولادكم؟ توسعت معاملهم؟ صارت بيوتكم قصوراً؟ وأراضيكم تنبت المنّ والسلوى؟ زاد فهم رجالكم ونسائكم؟ شعّ نوركم السماوي على الضالين؟ لم تقولوا لنا ما هي مصالحكم التي دافعتم، ولا تزالون تدافعون عنها، وبسببها حوّلتم الضيعة إلى عصفورية.

يا ضنى، يوم ركب غيركم – بيت الخوري – فرس الضيعة، بماذا تضرّرت مصالحكم؟تهدّمت بيوتكم؟ تاهت نساؤكم؟ بارت أراضيكم؟ فسدت أخلاق أولادكم؟ لماذا لا تقولون لنا أين تضررتم حتى نعوّض عليكم، وننتهي من هذه العصفورية المتجدّدة، ونعيش سعيدين، نحن وأنتم؟ يوم تنتصرون على أهلكم، في عندقت، لا تقولون لنا ماذا تربحون. وحين تخسرون، لا تقولون لنا بماذا تضررتم، فعلياً..

يا ضنى، تعالوا لنرى، عن قرب، كيف تخوض "عصبياتكم" الجاهلية، المتوهمة، معارك مصالحكم.

كل العائلات الكبيرة العدد، تعتم المبادئ ذاتها.

أ- تتماسكون في الداخل، وتسعون لتفتيت كل العصبيات الأخرى.

ب- تخوّفون ابناء عائلاتكم بالذئب المتربص بهم، في العائلات الأخرى: "سيأتي الذئب، يا أبناء العم، ويفترس مصالحنا".

ج- تعتمدون منطق الاستعلاء على كل العائلات الأخرى: "نحن الأكثر عدداً، وبالتالي نحن نعرف أكثر من الجميع، ونحن الأحق بالقيادة".

د- تعتمدون مبدأ الاقصاء: "نحن، العائلة الكبيرة، نقود. أنتم، كلكم، العائلات الحليفة، كبيرة أو صغيرة تتبعون. وأنتم، يا كل العائلات الأخرى، لا لزوم لكم، ولا نحتاجكم، يمكنكم فقط أن ترئّسونا عليكم. ونسمح لكم بالتهنئة".

يا ضنى، أين العقلاء فيكم؟

يا ضنى، أيها الأهل، في العائلات الكبيرة، منطقكم الاقصائي، يقول لبيت: عكاوي، خلف، العاقوري، بربر، زخّور، ناجي، الأحمد، زيتون، جعلوكي – باستثناء مرة واحدة – السنكري، الجبيلي، زيتوني، طربية، عواد، بدوي، بريدي، ضاهر، قحوش، ولغيرهم... أعتذر إذا نسيتهم، منطقكم الاقصائي يقول لكل هذه العائلات العندقتية: "زيواننا أفضل من قمحكم، وخمسة أعضاء من زيتنا العكر، أفهم من زيتكم البكر، ومن كل من فكّ الحرف فيكم، أو صار عالماً على مستوى العالم".

يا ضنى، أيها الأهل، في العائلات الكبيرة،

المجلس البلدي هو مجلس خدم. نعم. خدم بدون أجرة. هو مجلس ناسن نخوجيين، وعندهم وقت، ومعرفة علمية يخدمون بها الناس.

أنتم لا تريدون أن تخدمونا. يهمكم أن يركب خيّالكم على فرس الضيعة، ليدافع عن "مصالحكم"، وعن "عزتكم".

من يهدّد مصالحكم؟ أمهاتكم – بناتنا -؟ أبناء بناتكم في العائلات الأخرى؟ أبناء أخواتكم في العائلات الأخرى؟ أخوالكم؟ أصهرتكم؟ جيرانكم؟

أين العقلاء فيكم يقولون: "عيب يا شباب. نحن كلنا ضيعة واحدة، ومصالح الجميع واحدة، في عندقت".

تتفقون على واحد منكم ليكون خيالاً. وتسعون مع عائلة كبرى أخرى، ليركب واحد منها على السرج وراء خيّالكم: معاون خيّال. ثم تسعون لإقناع بعض العائلات المتوسطة أن ينتدبوا منهم، من يصلح ظهره للركوب، ويكون له إصبع فقط للموافقة.

هذه هي المجالس الثلاثة التي تشكلت، في عهودكم، أيها الأهل، في العائلات الكبيرة. وهي تدير الضيعة، ومصالحها، وعلاقاتها، وموازنة سنوية تتراوح بين 500 مليون، ومليار ليرة.

قبل سنة 1962، كانت المجالس البلدية تتشكل من عارف البيطار، من ساسين أبو رعد، من تادرس الراعي، من مالك الشعار، وغيرهم... كانوا أوادم الضيعة، وشيوخ صلها، وشيوخ صلح الجيرة، أيضاً. منذ 98 صارت المجالس البلدية: ديكاً، وصيصاناً.

كانت لنا علاقات مع الجيرة، نشاركهم ويشاركوننا، في الأحزان والأفراح. اليوم، ومع عائلاتكم الكبيرة، صرنا جزيرة معزولة، محاطة بناس لا نعرفهم. أنتم، مع الأسف الشديد، لا تفهمون القيمة الاقتصادية للجيرة.

في عهودكم الثلاثة، منذ 98 وحتى اليوم، حرقت الملائكة أحراجنا، ومُسح بعض مشاعنا لبعض الشاطرين، بهمة بعض الشاطرين، وتحت أعينكم، يا أوادم.

في عهودكم الثلاثة، ماتت المدرسة الرسمية، ونادي الشبيبة، وتكاد التعاونية الزراعية تموت.

تريدون أن تقودوا العمل البلدي؟ أين برامجكم؟ أين خططكم؟ هذا العدد الكبير، في كل عائلة – من عائلاتكم، ما هي نظرته لمستقبل عندقت، بعد عشر، عشري، ثلاثين سنة؟ كيف تتصوّرون أن نبقى في عندقت؟ ما هي المصالح الفعلية لنا كلنا؟

عصبياتكم الجاهلية، المتوهمة، تخرق كل المحرمات بين الأهل، في الضيعة، ليصل خيالكم إلى رئاسة المجلس، في جمهورية، لا رئيس فيها، ولا قانون، والحريق من حولنا.بدل أن نتكاتف كلنا، تكسّرون فخار الضيعة. أين العقلاء فيكم؟

تريدون أن تخدموا عندقت؟ لماذا إذاً لا تلبّون دعوات مجلس التعاونية الزراعية، وتطوّعون للخدمة فيه؟

لماذا لا تلبّون دعوات مجلس المؤاساة في عندقت، وتتطوعون فيه لخدمتنا؟ كم مرة، دعت لجان الوقف، وبناء الكنيسة إلى الخدمة فيها، لماذا لا تهتمّون بالتلبية، هنا؟

متى تعلمون أن العلم هو ضمانة تقدمنا، وليس بهوراتكم، وعصبياتكم؟ عندكم مئات المتعلّمين، وعندنا كذلك، في كل الضيعة، لماذا لا نبحث معاً عن كم اختصاصي من ابناء عندقت، ونقول لهم: "أنتم فخرنا. ونحن تعبنا في تعليمكم، ونرجوكم أن تردّوا الدين، فتشكلون مجلساً منكم، ينقذنا من بداوتنا". هل يقبل العاقلون فيكم أن ضيعة، فيها ألف متعلّم، تشكل هكذا مجالس، من 18 سنة حتى اليوم؟

يا ضنى، يا أهلنا في العائلات الكبيرة، نحن نحبكم. لماذا تصرّون على أن تركبوا على ظهورنا؟ تعقلوا، وسنضعكم على رؤوسنا.

تعالوا نفرح، ونعيش في أفضل ضيعة، ونعطي خبزنا لأبنائنا الخبازين المتعلمين.

أنتم، كأفراد، مثلنا، وأفضل منا. وأنتم، كعائلات كبيرة العدد، بعصبيّات جاهلية، أسوأ ما في عندقت. كثر الله العقلاء فيكم.

 

 

مجلس الظل

يا ضنى، أيها الأهل

أقترح تشكيل مجلس ظل، يساهم في كل ما ينفعنا وينفع أولادنا

هو مجلس عاقلين، من عندقت، كباراً كانوا أو صغاراً، من عائلات كبيرة أو صغيرة، من عائلة واحدة أو من مختلف العائلات.

هو مجلس بلا رئيس، لا ديك فيه، ولا صيصان. فقط أمانة سر تدعو للقاء والتشاور، في بيت أي كان. ومجلس الظل هذا، يمكن أن يهتم بـ:

1- التكريم السنوي لكل مجالس العمل التطوعي، في عندقت، وعلى رأسها، المجلس البلدي.

2- تقديم الدراسات، والاقتراحات المعللة، والمشاريع لكل المجالس التطوعية، بما فيها المجلس البلدي.

3- يكون عوناً لكل المجالس، ولكل الأوادم، في عندقت، وفي حل قضايانا العندقتية، وقضايانا مع الجيرة.

للمساهمة في تشكيل مجلس الظل هذا، الاتصال على الرقمين: 880602/06 – 634470/71  سليمان الشعار.

 

  

 

 

كلمة أخيرة

 

يا ضنى، أيها الأهل في عندقت.

نحن نعيش في حضن اقدس واد في العالم: وادي عودين. ونتصبّح بأجمل غابة صنوبر في الشرق الأوسط.

ونسكن على أرض طهّرها أجدادنا بعرق جباههم، وبنوا بيوتها، ومطاحنها، وكنائسها، متعاونين، وصدّوا ذئاب الفوضى متكاتفين.

ومن بين أجمل جمعياتنا: أخوية الحبل بلا دنس. فيها أتقياؤنا وأنقياؤنا، وفيها أوادمنا ودراويشنا. فمن شاء أن يتقرّب من الله وملائكته، فأبوابها مفتوحة له.

أما المجلس البلدي فللمتطوعين، المتخصصين، المتعقلين. ولا يهم إن كان أعضاؤه، كلهم، من بيت زخور، أو من بيت الخوري، من بيت خلف أو من بيت فخر. المهم أن يكونوا بعقول تدرس، وتناقش، وليس بأصابع ترفع، وبأصوات تشوبش للخيال.

نريد مجلساً بلدياً يغسل أقدامنا، كما غسل المسيح – الرب، أقدام الصيادين الحفاة، الفقراء. أيكون رئيس المجلس وأعضاء المجلس أكبر من المسيح  - الرب؟

نريد مجلساً يكتب على بابه آية مقدسة تقول:

"عندقت، عائلة كبيرة واحدة، والكل أهل الكل".

 

أبو سامر سليمان الشعار  



[1] - المعلومات مأخوذة من كتاب الصديق جوزف عماد: "عندقت بين الماضي والحاضر".