قد يبدو للوهلة الاولى كأنه موقع آخر ينضم الى لائحة المواقع المهداة الى بلدات وقرى لبنانية بغية مدّ جسر تواصل بين ابنائها المقيمين ومن هاجروها الى بلاد الاغتراب. لكن دخول الموقع الخاص ببلدة القبيات الشمالية ينقض الانطباع الاول ليتركنا امام مساحة غنية من المعلومات والوثائق والكتب يتحول معها مرجعاً لا ينضب.
سرّ هذا الموقع يحمله شخص واحد دفعه حبه لبلدته الى خوض مغامرة إطلاق موقع خاص بها. وتأتي كلمة "مغامرة" في مكانها الصحيح بعد ان يكشف
ايـلي عـبود سرّه ويروي قصة مشروعه بشغف وحماسة.
عندما تسأله عن اساس الفكرة وسبل تنفيذها تتوقع ان يخبرك عن اختصاصه المعلوماتي ودراساته المعمّقة الا انه يفاجئك بأنه مهندس مدني لم يألف الجلوس امام الكومبيوتر غير ان تصميمه على تحقيق الفكرة التي راودته جعله يتابع دورات متخصصة.
ويتركك هذا التصريح مذهولاً امام المستوى الفني العالي الذي يتمتع به الموقع وخصوصاً انه صممه ونفذه بمفرده ولا يزال يمضي نحو خمس ساعات يومياً في تحديثه.
نجاح موقع
www.kobayat.org
تحقق بسرعة، محلياً وخارجياً، حتى صار من
ابرز المواقع التي خُصصت لقرية او بلدة بشهادة العديدين. فاذا كان احد
الاساتذة المنكبين على دراسة ادب جبران خليل جبران في جامعة ميريلاند
الاميركية قد أكد أنه لم يزرْ موقعاً مماثلاً عن مجتمع ما، فإن الموقع
الفرنسي Libanvision الذي يضيء على خصائص الفرنكوفونية في لبنان اعتمده
مصدر معلومات وادخل في صفحته الرئيسية وصلة تقود اليه.
موقع غني
صفحات الموقع غنية، وتحتاج بلا شكّ الى ساعات للاطلاع على مضمونها في شكلٍ وافٍ. وقد نجح عبود في عرض هذا المضمون في شكل ذكي وبطريقة مشوّقة، ودعم موقعه بصور التقط غالبيتها بنفسه فأتت فريدة واضحة ومعبرة.
الدخول الى الموقع سهل. ترافق زائره المتنقل بين صفحات المتوافرة بالعربية والفرنسية والانكليزية والبرتغالية، خلفية موسيقية هادئة. اما وتيرة التصفح فسريعة ومريحة.
ويفخر عبود بما تضمنّّته الصفحات. فالى فقرة اخبار البلدة وابنائها من اعراس وولادات ووفيات ونشاطات مختلفة الى غرف الدردشة ومنتدى الحوار تتنوع الوصلات، ومن ابرزها وصلة خاصة بالكتب القديمة والوثائق عن مواقع طبيعية واثرية في القبيات يعرضها عبود على الشبكة، ومنها ما اعاد طبعها بنفسه خصوصاً ان بعض الكتب ضارب في القدم. والغاية من ذلك التعريف بالانتاج الادبي للقبياتيين، بالاضافة الى وصلة تعرّف بالحياة الدينية في القبيات.
ومن الوصلات المميزة واحدة تحمل اسم "وجوه" وتذكر الجيل الجديد بصور اشخاص بالكاد يذكرون ملامحهم ولم يُتح لكثر التعرف اليهم من كثب. وهناك وصلات عديدة منها وصلة تتضمن اسماء الشهداء منذ عام 1958، واخرى تقود الى مواقع اخرى عن القبيات، محلية وعالمية، ومواقع عدد من المجالس والحركات وصحيفة "النهار"، وبامكان المهتمين ان يسقطوا اغاني لفيروز وتراتيل.
ويعلّق عبود اهمية كبيرة على رسائل الزوار في رصد نجاح الموقع وتحقيق التواصل، علماً ان زوار الموقع تجاوزوا الـ 15 الفاً. ويفخر عبود بدلائل كثيرة تشير الى "موقع" www.kobayat.org
بين الناس، يروي منها على سبيل المثال: "عندما يدق جرس الكنيسة حزناً في القبيات يدخل المتصلون الى الموقع لمعرفة هوية المتوفى، وبات اهل الفقيد يبلغون الموقع بالخبر قبل اي شيء".
صحيح ان لهذه المغامرة التي خاضها عبود ايجابيات عديدة الا ان مشكلات لا تحصى واجهته ولا تزال تقف عائقاً امام مزيد من التطوير
: ابرزها القدرة المادية. وهو يتكل على تمويله الخاص علماً ان الاستمرار في مشروع على المستوى نفسه قد يتعرقل إذا تراجعت الموارد المالية. لكن رغم كل الصعوبات، يحلم عبود بالكثير لموقع القبيات وفي جعبته الكثير من الخطوات "وقد اكللها بالقدرة على نقل اي احتفال يقام في البلدة مباشرة عبر الموقع الى العالم كلّه".
رانيا بوناصيف
- النهار
rania@annahar.com.lb
Friday Sep 07, 2001 |